رياض الزهراء العدد 203 ركائز الإيمان
"لا تحَقرن شيئا من الخيرِ"
ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: "لا تحقّرنَّ شيئًا من الخير وإن صغر، فإنّكَ إذا رأيتَه سرّكَ مكانه..."(1). لقد نهت الروايات الشريفة عن استصغار الخير لعدّة أسباب، منها: 1ـ إنّ تشخيص الصغير من الكبير، والقليل من الكثير من أفعال الخير ليس من اختصاصات الإنسان، فالله سبحانه وتعالى هو مَن يعلم ذلك، فقد يكون فعل من الأفعال لدى الشخص تافهًا صغيرًا لا يستحقّ أن يُنظر إليه، بينما هو عند الله كبير، وفي الميزان ثقيل. 2ـ إن استصغار الخير قد يؤدّي إلى تفويت رضا الله سبحانه، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: "إنّ الله تبارك وتعالى أخفى أربعة في أربعة :أخفى رضاه في طاعته، فلا تستصغرنَّ شيئًا من طاعته، فربّما وافق رضاه وأنتَ لا تعلم..."(2)، فرضا الله تعالى هدف الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) وغايتهم، فالإمام عليّ (عليه السلام) لمّا بات على فراش النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، فهو كان يبتغي مرضاة الله تعالى، فأنزل في كتابه الكريم: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ...) (البقرة:207)، إذن لعلّ رضا الله سبحانه يكون في أيّ عمل مهما كان بسيطًا، لكن الفرد لا يعلم بذلك، فعباد الله الصالحون يبحثون عن رضاه تعالى، ويتحرّكون نحوها. 3ـ لا ينبغي استصغار العمل، إذ ربّما يكون سبب سعادة العامل، فقد جاء عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: "قال الله تعالى: إنّ من عبادي مَن يتصدّق بشقّ تمرة، فأربّيها له كما يربّي أحدكم فَلْوَه، حتى أجعلها مثل جبل أحد"(3)، هذا العمل البسيط في نظر الناس، إذا به يوم القيامة باعث على سرور العامل، فشقّ التمرة يتحوّل إلى جبل عظيم. 4ـ إنّ الحسنة تمحو الذنوب، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: "لا تحتقرْ سيّئةً وإن كانت صغيرة، فإنّها ستسوؤكَ يومًا، ولا تحتقرْ حسنةً، فإنّه ليس شيء أشدّ طلبًا ولا أسرع دركًا من الحسنة، إنّها لتدرك الذنب العظيم القديم فتذهب به"(4)، وقد قال تعالى في كتابه الكريم: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) (هود:114). .......................... (1) شرح نهج البلاغة: ج20، ص321. (2) بحار الأنوار: ج90، ص363. (3) المصدر نفسه: ج93، ص123. (4) تفسير العيّاشي: ج2، ص162.