رياض الزهراء العدد 203 طفلك مرآتك
السفينة الورقية
مع بزوغ فجر أحد أيام الصيف الدافئة، استيقظ (علي) من منامه مفعمًا بروح المغامرة، فلمعت في عقله فكرة محملة بالتشويق والإثارة، جعلته يسرع في النهوض. كان (علي) يعيش في قرية صغيرة على ساحل البحر، وقد ترعرع وسط أصوات الأمواج ورائحة البحر، مما جعله يشعر دائمًا بالتحفيز لاكتشاف أسرار البحار، فجلب أوراقًا ملونةً وجلس في زاوية من غرفته الصغيرة، وراح يلف الأوراق ويشكلها ببراعة، ويتنقل بين الألوان كالفنان الذي يناغم بين ألوانه على لوحته، وشيئًا فشيئًا بدأت السفينة الورقية تظهر أمام عينيه، تحمل أحلامه وتطلعاته، فكانت مصدر إلهام لأنامله الصغيرة، تجسد أمله في اكتشاف عوالم لا نهاية لها. وحين انتهى من صناعة السفينة، بدت كأنها شيء خيالي خارج من قصة، مما جعله ينبهر بتفاصيلها الدقيقة، كالأشرعة الملونة والزخارف التي رسمها بعناية، وهو يشعر أن هذه السفينة ستأخذه إلى رحلة لا تنسى، وبالفعل عندما وضع السفينة في الماء، بدأ يشعر بالتوتر والفضول يتسللان إلى قلبه، فها هي السفينة تنزلق بلطف على سطح الماء، كأنها تعرض للعالم قوة الطموحات والآمال الصغيرة، وفجأة تحولت إلى حجم أكبر تمكنه من ركوبها، وبعد أن توسطها وأخذ بزمام الأمور كالقبطان، تحركت السفينة ثم ابتعدت عن الشاطئ بالتدريج، وبدأت الرحلة. تلاحقت المغامرات والمفاجآت بين أمواج البحر، وراح (علي) يكتشف جزرًا غامضة وكائنات بحرية ساحرة، والسفينة تتأرجح تحت أشعة الشمس الذهبية، فاستمتع (علي) بكل لحظة وهو يعيش تجربة فريدة في عالم سحري. عاد (علي) إلى الشاطئ وقلبه ينبض بالفرح والرضا، فما كانت السفينة مجرد قطعة من الورق، بل بوابته إلى تجربة حقيقية في عالم الخيال والاستكشاف، وبينما هو ينظر إلى الأفق، شعر بضياء الشمس يداعب عينيه، فحاول فتحهما ليجد نفسه لا يزال يعانق وسادته في فراشه، فنهض من أحلامه مقررًا أن يجعلها حقيقة، ويجتهد في دراسته ويطور من مهاراته؛ ليصبح في المستقبل أفضل بحار.