ابنتي والهاتف

زينب عبد الله العارضي/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 40

بنيتي الحبيبة: عندما يرن هاتفي وأرى أنك المتصلة يبتهج قلبي، أشعر أن المكان يمتلئ بالضياء، فتلك الساعة التي نتواصل فيها، هي أجمل ساعاتي في الصبح والمساء، شكرًا لهذا الأثير الذي يحمل أصواتنا، وهمسات أرواحنا، ويمنحنا فرصة اللقاء على الرغم من بعد المسافة فيما بيننا، فعلًا الهاتف نعمة كبيرة، وعطاءاته كثيرة، لكنه في الوقت ذاته سلاح ذو حدين، يستعمل في الخير تارةً فيرتقي بصاحبه إلى الصدارة، وفي الشر أخرى فيوقعه في محن كبرى، قد تأتي على دينه ودنياه، وتحرمه رضا مولاه، وتسبب سخط الله جل في علاه، فهنيئًا لمن أحسن توظيفه فارتقى وتكامل، والويل لمن أساء استخدامه فتردى وتسافل، فالدنيا يا نور عيني ساعات معدودة، إن مضت فلن تعود، والعاقل من جعل كل ما فيها بابًا لرضا المعبود. فكل دقائق العمر من الممكن أن تكون محطات عروج، وسلم ارتقاء إن عرف المرء حسن الاغتنام واستثمار نعمة الهاتف في الخير، وتعميق الصلة بالله تعالى، وأهل البيت (عليهم السلام). فاحرصي رعاك ربي على استثمار هذه المنح فيما يعود عليك بالفائدة والربح، واحذري يا ضياء بصري من كل مستنقع ضحل يزينه الشيطان، وتزخرفه النفس الأمارة بالسوء، ويغريك الهوى بالولوج فيه. فهنا ساحة جهاد وحرب، وفي كل لحظة من الممكن أن تصابي وتجرحي، فتحصني، واستعدي وكوني بكامل يقظتك ومنتهي حذرك، غضي بصرك، ونزهي سمعك وقلبك، من أن يتلوثا بمنكر، أو يصبوا إلى باطل، قنني استخدام هاتفك، واجعليه ميدانًا للوصول إلى أهدافك والمقام اللائق بك. واحذري من التجمعات التي تعج بها مواقع التواصل الاجتماعي، وابتعدي عن كل فضاء لا يرقى بشخصك، ولا يضيف خيرًا إلى حياتك. ابحثي عن مجموعات المؤمنات، وانتفعي بمواعظ الصالحات، واستفيدي من أهل العلم والمعرفة؛ لتكوني أروع الفتيات، وأفضل الأمهات. أما صفحتك على مختلف الوسائل والتطبيقات، فاحرصي على جعلها منبرًا للهدى، تذكر المار بها بالله تعالى وسادات الورى، تدعو إلى منهجهم، وتروي للآخرين كمالاتهم ومحاسن أخلاقهم، وترسخ الولاء والانتماء إلى خطهم، وتعين المنتظرين في تحقيق معنى الانتظار الصادق لإمام الزمان (عجل الله فرجه). افخري يا غاليتي بثوب العفة، وتألقي برداء الحياء والحكمة، وضعي على رأسك تاج الخلق والكرامة، وتدثري بأجمل الخصال والفضائل، واتشحي بوشاح الطهر والنقاء، وتخيلي إشراقة وجه إمام زمانك، وابتسامة ثغره عندما يراك صالحةً طاهرةً نقيةً، تسيرين على درب جدته الزكية فاطمة الرضية المرضية (صلوات الله وسلامه عليها).