صوم التلميذة بين المنزل والمدرسة

ضمياء حسن العوادي/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 33

لا أزال أتذكر أولى خطوات الصيام وأنا في طريقي إلى التكليف الشرعي، حيث كان في موسم المدارس وتوالي الدروس مع العطش والجوع، لكن كان الأكثر إيذاءً بالنسبة إلي هو تناول الطعام أمامي من قبل بعض الزميلات وغيرهن من المكلفات، فكنت أحيانًا أضج إلى أمي معترضةً على صيامي، وأحيانًا أخرى أتناول شيئًا بسيطًا، ثم أندم بعدها؛ لأني خسرت السباق مع أخواتي وغيرهن ممن التزمت بصيامها، واليوم نحن أمام جيل أكثر اعتراضًا على التعاليم الإسلامية، وأكثر عنادًا في ما يتعلق بالفرائض، فنجد المكلف أو من يستعد لبلوغ سن التكليف يعاني من الغربة، ويتأثر بالآخرين، حتى إن كانت عائلته زرعت فيه بذور الالتزام الحقة، فنحن اليوم نواجه محنة كبيرة في توجيه فكر المعلم نفسه، فنجد عدم موافقة المعلمة أو المعلم على صيام التلميذة بذريعة كونها صغيرة، أو ضعيفة البنية، يتسبب بتغيير قناعات الطالبة، ومن ثم تزداد صعوبة معالجة الأمر من قبل الأهالي أنفسهم. فمع قرب حلول شهر رمضان المبارك، من الضروري أن يتمسك المعلم بدوره الرسالي، وأن يكون داعمًا ومشجعًا للأطفال الصائمين، مثلما يهذب بقية التلاميذ على حفظ حرمة الشهر وعدم انتهاكه، وتدريب الأطفال على احترام زملائهم الصائمين، وعدم الأكل أمامهم، وإرساء هذا المبدأ فيهم منذ الصغر، حتى تكون لهم سنة عند الكبر ولا نرى مظاهر التجاهر بالإفطار في أوساط الشباب، وتحفيز هذا الجيل يكون عبر تعريفهم بأهمية الصيام الصحية والنفسية، وأثره في البعد الروحي والديني عن طريق الامتثال لأوامر العليم الحكيم الذي لا تخفى عليه خافية، ولا يفوته شيء، وزرع ثقافة التسليم لله تعالى بدلًا من ثقافة الاعتراض المتداولة بين أبناء هذا الجيل والتعمق في أسئلة التشكيك التي لا توصلهم إلا إلى الانقياد وراء أهوائهم الشخصية وميولهم، والعيش في عالم الرغبات المادي.