"أهْلا للعبادة"
المدرسة: السلام عليكم طالباتي العزيزات ورحمة الله وبركاته، درسنا اليوم لمادة الإسلامية (معرفة الله تعالى): ونحن في رحاب الشهر الفضيل، لماذا نقوم بالعبادات؟ ولماذا نصوم؟ أخوفًا من الله تعالى؟ أم حبًا ومعرفة بما هو أفضل لنا؟ نعم حوراء تفضلي. حوراء: نحن نعبد الله تعالى فنصلي ونصوم طاعةً له. المدرسة: وهل تأتي الطاعة بدون معرفة؟ فقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: "إلهي، ما عبدتك خوفًا من عقابك، ولا طمعًا في ثوابك، ولكن وجدتك أهلًا للعبادة فعبدتك"(1)، أي عرفتك أهلًا للعبادة، والمعرفة هنا هي معرفة فطرية، فكل إنسان بفطرته يعلم أن لهذا الوجود خالقًا عظيمًا. زينب: هل تسمحين لي بسؤال؟ المدرسة: نعم، تفضلي. زينب: هل يمكن أن تدليني على أول طريق للمعرفة، فكلنا نريد القرب من الله تعالى، لكن لا نعرف كيف، وإلى أين نتجه؟ المدرسة: هذا قول أمير المؤمنين (عليه السلام): "أول الدين معرفته"(2)، وجوهر حديثنا اليوم هو معرفة الله تعالى، ويجب أن نعلم أن هذه المعرفة مزروعة في النفس البشرية، لكنها تحتاج إلى من يوقظها؛ لأنها معرفة فطرية. زينب: ولكن كيف نستدل على هذه المعرفة؟ بخاصة أننا نرى اليوم من يعبد الشمس، ومن يعبد الكائنات الأخرى على الرغم من التطور الكبير في العلم والمعارف؟ المدرسة: قد سئل مولانا الصادق (عليه السلام) عن الله تعالى، فقال للسائل: "يا أبا عبد الله، هل ركبت سفينةً قط؟ قال: بلى، قال: فهل كسر بك حيث لا سفينة تنجيك، ولا سباحة تغنيك؟ قال: بلى، قال: فهل تعلق قلبك هناك أن شيئًا من الأشياء قادر على أن يخلصك من ورطتك؟ قال: بلى، قال الصادق (عليه السلام): فذلك الشيء هو الله القادر على الإنجاء حين لا منجي، وعلى الإغاثة حين لا مغيث"(3). زينب: نعم، أحيانًا حتى ونحن في قمة المرح والنشاط والتحرر النفسي، عندما نمر بموقف صعب، فتلقائيًا نتوجه إلى الله تعالى بكل وجودنا، ونجد ألسنتنا تتوسل إليه من دون أن نشعر. المدرسة: هذا لأن النفس بطبيعتها ذكية، فهي لا تطلب من العاجز، فحتى الكافر والعاصي يتوجه لاشعوريًا إلى الله تعالى؛ لأنه مفطور على البحث عن الخالق، وهذا يدل على معرفة النفس بالتوحيد. ...................... (1) بحار الأنوار: ج41، ص14. (2) شرح نهج البلاغة: ج1، ص73. (3) المصدر السابق: ج64، ص137.