صوم العصافير

آيات مالك الخطيب/ كربلاء المقدّسة رسوم: فاطمة نعيم الركابي/ذي قار
عدد المشاهدات : 169

من قرية بعيدة، انتقلت (ليلى) وأهلها إلى المدينة، وارتادت مدرسة جديدة، لكنها كانت فتاةً خجولة ومنعزلة، ولم يفكر أحد بالمبادرة ومحادثتها، ومع حلول شهر رمضان المبارك تغير الأمر عندما انتبهت زميلاتها إلى أنها لا تصوم مثلما يفعلن، فهي تنزوي كل يوم في ركن وتتناول طعامها بمفردها. بدأت الشكوك تراود قلوب الفتيات الأخريات، وصرن يتساءلن عن سبب عدم صيام (ليلى)، وكثر الحديث والهمس، والمحاولات المستمرة لمراقبتها بفضول، حتى قررن اكتشاف السبب، فتقدمت إحداهن وسألتها عن ذلك، كانت (ليلى) خجولة جدًا، لكنها شرحت لزميلاتها أنها تعاني من مرض مزمن، ولا تستطيع الصيام بسبب حالتها الصحية، فتفاجأت الصغيرات وتعاطفن معها، وقررن دعمها ومساعدتها على استشعار الانتماء إليهن، واستشعار حلاوة الصيام في شهر رمضان، فقمن في البداية بتشجيعها لتقبل مرضها والتعايش معه، ثم اقترحن عليها فكرة (صوم التدرج) أو (صوم العصافير) للشعور بروحانية الصيام من دون التأثير السلبي في صحتها. فرحت (ليلى) باهتمام الفتيات ومساعدتهن، وبدأت بتنفيذ الفكرة التي أصبحت فيما بعد مشروعًا صغيرًا لهن، حيث قررن تخصيص وقت من يومهن للقيام بأعمال خيرية وتطوعية لخدمة المجتمع في هذا الشهر الفضيل، مما جعلهن يعشن حالة من التواصل مع بعضهن؛ لتزيد أواصر صداقتهن ومحبتهن. انتشرت بوادر التكافل والعطاء في المدرسة بعد هذه الموقف، وأصبحت (ليلى) جزءًا لا يتجزأ من فريقها الجديد، وبفضل صمودها وتفاعل صديقاتها، أظهرت قصتها لبقية أقرانها أهمية فهم التحديات الصحية، وتأثير الدعم في روح الصداقة والتكاتف.