رياض الزهراء العدد 204 بادر شبابك
فرصة لا تعوض
يمنح الباري (عز وجل) أيامًا خاصة بعنوان الهدية للعباد تختلف عن الأيام الباقية فضلًا وتأثيرًا ومنزلةً، وأكد على ذلك عز شأنه في آيات عدة، كيوم (عرفة)، وأواسط بعض الشهور، وشهريْ (محرم) و(صفر)، وأفضلها وأقدسها أيام الشهر الفضيل شهر (رمضان) المبارك ولياليه، بخاصة لياليه الثلاثة التي تقدر بخير من ألف شهر، هو هدية من اللطيف عز شأنه لكي يستطيع العبد أن يبدأ من جديد، وأن لا يكون الشهر استئنافًا لما كان ما قبل حلوله إلى ما بعد مضيه، بل لابد من استثماره، بخاصة الشباب الذين هم في ريعان شبابهم، فهذه المرحلة التي يكون العبد فيها في أوج قوته وإصراره وإقباله على الحياة، المرحلة التي هي أساس الوصول، فإن تمكن الشاب من إدراك عظمة هذه الفرصة وهذه المرحلة وأفاق، فقد وصل. إن إدراك أهمية هذه الأيام هو الفوز الحقيقي، فهي بمنزلة المجاديف التي توصلنا إلى السلام الباطني، والسعادة التي يبحث عنها الشباب في مواقع التواصل، أو في السفر، أو في شراء بعض الكماليات، أو في التسكع في بعض الأماكن، أو في ريادة المطاعم والمقاهي، وكل ظنهم أن السعادة مخبوءة وراء هذه الأمور الشكلية التي لا قيمة ولا معنى لها وإنْ كانت تغمرنا ببعض من رشحات السعادة الآنية، لكنها لا تفي بالغرض بتاتًا، بل ربما تزيدنا اكتئابًا وحزنًا لا يعرف مصدره مهما بحثنا، وحقيقة الأمر هو الحزن الناتج عن ضياع الوقت على توافه مغريات الحياة الفانية، نحن لا نحث على ترك ما ذكرناه، إنما لابد من إدراكنا أن هذه الأمور لا تخبئ لنا السعادة قطعًا، وهي أمور حياتية فحسب، إذ إن بعضها لابد من القيام بها لإكمال مسيرة الحياة، لكن السعادة والسلام الذي يرجوه كل شاب يكون بالتقرب من الباري (عز وجل) فقط: (ألا بذكْر الله تطْمئن الْقلوب) (الرعد:28)، ومثلما روي عن مولانا الإمام الحسين (عليه السلام) في دعاء عرفة: "ماذا وجد منْ فقدك، وما الذي فقد منْ وجدك؟"(1)، لا شيء سوى الركض نحو أوهام السعادة الوقتية، وإن تمكن الإنسان من فهم كلام الإمام (عليه السلام)، تمكن من فهم الحياة. .................. (1) مفاتيح الجنان: ص358.