الغذاء الصحي وأهميته في شهْر الصيام

د. يُمن سلمان الجابريّ/ المثنى
عدد المشاهدات : 88

شهرٌ كريم فضل على سائر الشهور؛ لأنه شهر الله تعالى، شهر الرحمة، والمغفرة، والبركات، والألطاف الملكوتية، وينبغي الاستعداد له استعدادًا شاملًا: روحيًا ونفسيًا وجسديًا؛ لننال بركاته وأجر ضيافته، أما الاستعداد الجسدي، فيكون عن طريق اتباع نظام غذائي سليم ومتكامل، ويتحقق ذلك عن طريق تعويد الجسد، وبرمجته قبل حلول الشهر الفضيل، ولهذا نجد من المستحب أن يصوم المؤمن شهري (رجب) و(شعبان) ولو لأيام متفرقة، حتى قيل: (رجب شهر التخلي، وشعبان شهر التحلي، ورمضان شهر التجلي)(1)، وهذه التفضيلات الروحية لها انعكاساتها الجسدية؛ لهذا فإن قلة عدد الوجبات الغذائية ينبغي تعويض قيمتها باختيار نوعية الطعام ذي القيمة الغذائية الكاملة التي تحفظ للجسم طاقته؛ ليكمل يومه بنشاط وحيوية، وذلك عن طريق: 1- تهيئة المعدة باتباع نظام إفطار سليم، كالبدء بالتمر أو الرطب لكونهما يحتويان سكريات أحادية، سهلة وسريعة الامتصاص، والماء الدافئ، فقد ورد عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: "كان رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ إذا أفطر بدأ بحلواء يفطر عليها، فإن لم يجد فسكرة أو تمرات، فإذا أعوز ذلك كله، فماء فاتر، وكان يقول: ينقي المعدة، والكبد، ويطيب النكهة، والفم، ويقوي الأضراس، ويقوي الحدق، ويجلو الناظر، ويغسل الذنوب غسلًا، ويسكن العروق الهائجة، والمرة الغالبة، ويقطع البلغم، ويطفئ الحرارة عن المعدة، ويذهب بالصداع"(2)، ثم بعدها تناول اللبن الرائب، أو الحساء الدافئ، ثم يأتي دور السلطة لاحتوائها على ألياف تشعر الجسم بالشبع، ثم تناول الوجبة الرئيسة، وتناول اللحوم البيضاء كالسمك والدجاج، والإقلال من اللحوم الحمراء قدر الإمكان، مع تجنب النوم مباشرة بعد الأكل لما يسببه من أضرار صحية. ٢- تناول البروتينات والكربوهيدرات في وجبة السحور، فهي تحفظ للجسم طاقته لمدة أطول، وتجنب السكريات العالية التي تزود الجسم بطاقة سريعة التلاشي، فالأفضل تناول البيض المسلوق، وحساء العدس، واللبن الرائب، والزيتون. 3- تناول الفاكهة والخضروات بشكل يومي، لاسيما الحاوية على سوائل كثيرة، كالبطيخ والشمام، والبرتقال، وغيرها، والإكثار من تناول الماء والسوائل، وتناولها في أوقات متباعدة من الإفطار إلى ما قبل الفجر أفضل من تناولها دفعة واحدة. 4- الإقلال من تناول الكافيين الموجود في القهوة والشاي؛ لتجنب الإصابة بالصداع قدر الإمكان، لاسيما الانسحاب التدريجي لمدمني القهوة قبل شهر رمضان عن طريق الإقلال من تناولها. 5- عدم الإكثار من الملح أو البهارات الحارة وغير الصحية عند تجهيز الوجبات قبل بدء الصوم بأيام، حيث يساعد هذا الأمر في عدم التعرض للجفاف، وعدم الشعور بالعطش في الأيام الأولى من الصوم، وذلك لأن الملح يزيد من حاجة الجسم إلى الماء. 6- من أجل الاستفادة من البرنامج الغذائي بأكمله، لابد من تنظيم ساعات النوم، مما يساعد الجسم في الاستعداد جيدًا للمتطلبات التي تمكنه من تخطي الكثير من الشعور بالتعب والجوع والصداع، إضافة إلى الاهتمام بممارسة الرياضة، لاسيما رياضة المشي لمدة نصف ساعة بعد الأكل بساعتين أو قبل الإفطار بساعة؛ لكون هذا النوع من التمارين الرياضية لا يتطلب مجهودًا عاليًا. ..................... (1) الكافي: ج ٤، ص ١٥٣.