سيدة قريش
روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: "إن جبرئيل قال لي ليلة أسري بي وحين رجعت فقلت: يا جبرئيل، هل لك من حاجة؟ فقال: حاجتي أن تقرأ على خديجة من الله ومني السلام ـ وحدثنا عند ذلك ـ أنها قالت حين لقيها نبي الله (عليه وآله السلام) فقال لها الذي قال جبرئيل، قالت: إن الله هو السلام، ومنه السلام، وإليه السلام، وعلى جبرئيل السلام"(1)، سلام إلهي يصل إلى السيدة خديجة (عليها السلام)، فأي مقام وصلته تلك السيدة العظيمة لتحظى بسلام من الرب، ومن ملائكته المقربين؟ يكفيها فخرًا أن اختارها الله (عز وجل) من دون النساء لتكون زوجةً لسيد الخلق محمد (صلى الله عليه وآله)، سيدة نساء قريش، ذات الحسب، والنسب، والجمال، والأدب، أعلنت أن كل ما تملكه قد وهبته لمحمد (صلى الله عليه وآله)، سيدة كاملة، وتكاملت بنور محمد (صلى الله عليه وآله)، فآزرته في مشروع الرسالة الإلهية بمالها ونفسها، ولولا عطاؤها لما استمر الدين، فكم ندين بالفضل لهذه السيدة الجليلة؟ هي أول من أسلمت وآمنت به من النساء، فكانت خير زوجة له، وكانت السيدة الأولى في قلب المصطفى (صلى الله عليه وآله)، حتى قال فيها: "رزقت حبها"(2)، سيدة طاهرة، وزادها الجليل طهرًا إذ اصطفاها لتكون ينبوع الكوثر، حيث احتضنت تفاحة الجنة، فكانت وعاءً للنور الأكمل. هنيئًا لخديجة الكبرى (عليها السلام)، فمن مثلها زوجةٌ للنبي (صلى الله عليه وآله)، وأم لفاطمة الزهراء (عليها السلام)، وجدةٌ للأئمة المعصومين (عليهم السلام)، ومدعاةً للفخر حين قال عنها الحسين (عليه السلام) مخاطبًا القوم في كربلاء: "أنشدكم الله، هل تعلمون أن جدتي خديجة بنت خويلد أول نساء هذه الأمة إسلامًا؟"(3). ........................ (1) تفسير العياشي: ج2، ص279. (2) شرح أصول الكافي: ج7، ص144. (3) موسوعة كلمات الإمام الحسين (عليه السلام): ص517.