رياض الزهراء العدد 204 هندسة الحياة
سلم المهارات
ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: "إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه"(1). خطوتان في نصف سطر على ورقة صغيرة، ترسمان معالم حياتنا، فتنيران الدرب لكل أفراد المجتمع، ألا وهي: الأولى: حب الله سبحانه وتعالى: حيث يشكل الغاية الكبرى التي يروم الجميع تحقيقها، ثم لنكون ممن يحبهم الله ورسوله الكريم، فلا نحيد عن الطريق المستقيم ما حيينا. الثانية: العمل الصالح الدؤوب: فقد خلقنا للعمل والبناء، وتحسين الحياة قربةً إلى الله تعالى، ولكي نصل إليها، فلابد من العمل الجاد بإخلاص وإتقان، وهو ما يعرف بـ(المهارة)، وتعني بالمجمل القدرة على أداء عمل أو مهمة معينة بأفضل طريقة وبجودة عالية، ولبلوغ ذلك، لابد من التعرف على سلم المهارات، وكيف لنا أن نرتقي درجاته الواحدة تلو الأخرى، فنستحق نعت (الماهر)، ومن أفضل مراحل الحياة التي نمر بها والتي يسعى الجميع إلى التغيير عبرها، على الرغم من كوننا نستغرب أن نمر منها مرور الكرام بدون ترك أثر واضح في السلوك الظاهر، فنضع الكثير من علامات الاستفهام لمن لا يستثمر هذه المرحلة للتغيير، ألا وهي أفضل الشهور، شهر رمضان المبارك، التي تعد أنفاسنا فيه عبادة لله سبحانه وتعالى. وفي هذه الأسطر القليلة نشير إلى خطوات التغيير: فأول درجة في السلم يطلق عليها (لا مهارة ولا وعي)، حيث إن بعضهم لا يعير تلك الأيام والساعات أهمية من أجل التغيير، بحيث لم يقرر أو ينو اتخاذها وسيلة للانطلاق، فتأتي المرحلة التالية، وهي (وعيٌ بلا مهارة)، فيتم فيها تحديد الهدف، ومعرفة الأهمية، وتقدير الوقت الثمين والفيوضات الإلهية فيه، حتى يصل العبد إلى مرحلة (الوعي والمهارة)، فيبدأ بتطبيق كل ما يريد تغييره من أفكار وسلوكيات غير مرغوبة، ويعمل بجد وإتقان مع ملازمة الدقة والتركيز على كل قول أو فعل، إضافة إلى كل فكرة سلبية ترد إلى الذهن، فيقمعها ويبعدها؛ ليضع الإيجابي بدلًا منها، ومن ثم يتم الوصول إلى الهدف، وهو أعلى مراحل (سلم المهارات)، ما يسمى بـ(المهارة بلا وعي)، فتكون الأفكار الجديدة والعادات السلبية التي استبدلها بالحسن في الشهر الكريم قد أصبحت ملكة يتصف بها أينما حل أو ارتحل. شهر الخير هو أفضل دورة تدريبية متكاملة للتغيير نحو الأفضل، مرورًا بسلم المهارات، والاستمرار على ما يبذله الفرد من جهد، والإصرار على أن يكون السمة السائدة له طوال عمره، وليس لأيام معدودة فقط. ...................... (1) ميزان الحكمة: ج3، ص2132.