(يسارعون في الخيرات)

منى إبراهيم الشيخ/ البحرين
عدد المشاهدات : 566

عندما يكون الإنماء الإلهي لفعل ما، فسيكون ذلك الفعل خيرًا، ويعود على صاحبه بالخير الكثير، وعندما تكون الأفضلية للمسارعة في فعل الخيرات، فهذه ميزة فعل الخير، وهذا ما حثّت عليه الآيات والروايات الشريفة. ومن مصاديق هذا القسم أسرة زكريا (عليه السلام)، حيث قال تعالى بشأنهم: (...إنّهم كانوا يسارعون في الخيرات...) (الأنبياء:90). ماذا تعني المسارعة، وعلى ماذا تدلّ؟ المسارعة تعني: أولًا: أنّ المبادر المسارع على قدر كبير من الفهم والوعي لأهمّية موضوع فعل الخير. ثانيًا: أنّ المسارع صاحب نفس تحبّ عمل الخير، فلا تقوم به بتثاقل أو لأجل كسب الثواب فقط. وهنا سؤالٌ يطرح: إذا كان الوقت مفتوحًا، ويمكن الإتيان بفعل الخير في أيّ وقت، فلماذا حثّت الآيات والروايات على المسارعة؟ هناك عدة إجابات: 1ـ وقت الإنسان ليس واحدًا: فأحيانًا يكون مشغولًا، وأخرى لا، وأحيانًا تكون عنده ظروف قاهرة؛ لذا يجب المسارعة ما دام متمكّنًا، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: "بادروا بعمل الخير قبل أن تشغلوا عنه بغيره"(1). 2ـ فعل الخير فرصة قد لا تستمرّ: فبعض الأعمال تكون مطلوبة في وقت محدّد، وإذا انتهى الوقت انتهت مطلوبيتها، وجاء عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "من فتح له باب من الخير فلينتهزه، فإنّه لا يدري متى يغلق عنه"(2). 3ـ الثمرة تكون في المسارعة: فمن المعروف أنّ هناك ثمرةً تتوقّف عليها النتائج المرجوّة من المبادرة والمسارعة، فعن أبي جعفر (عليه السلام) أنّه قال: "...لكلّ شيء ثمرة، وثمرة المعروف تعجيل السراح"(3). 4ـ منع الشيطان: فهناك شيطان يتربّص، فإذا نوى الإنسان المعروف، لا ينبغي أن يسوّف ويؤخّر؛ لأنّ الشيطان لا يتركه، فعن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: "إذا همّ أحدكم بخير أو صلة، فإنّ عن يمينه وشماله شيطانين، فليبادر لا يكفّاه عن ذلك"(4). 5ـ عمل الخير من موارد نزول الرحمة الإلهية: فعن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: "إذا هممت بشيء من الخير فلا تؤخّره، فإنّ الله عزّ وجلّ ربّما اطّلع على العبد وهو على شيء من الطاعة فيقول: وعزّتي وجلالي، لا أعذّبك بعدها أبدًا..."(5). واحدة من هذه الأسباب والميزات تكفي للمسارعة، فكيف إذا اجتمعت كلّها. ............................. (1) ميزان الحكمة: ج1، ص843. (2) المصدر نفسه: ج3، ص2399. (3) الكافي: ج4، ص30. (4) المصدر نفسه: ج2، ص143. (5) المصدر السابق.