نضال الأمهات

ولاء عطشان الموسوي/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 830

لطالما تتحمّل الأمّ المسؤولية الأكبر في تربية الأولاد وتنشئتهم حتى يشتدّ عودهم، وهذا الأمر يتطلّب منها الجهد الكبير والصبر، وإعداد نفسها لتكون على قدر هذه المسؤولية العظيمة، ومع استحداثات الزمن والتطوّرات التي حصلت مع تقدّم الأيام، نرى التحدّيات أصبحت أشدّ وأكبر ممّا كانت عليه في السابق، فاليوم أصبح وجود الأمّ خارج المنزل للعمل في تزايد، والتكنولوجيا التي دخلت البيوت لتنقل قسرًا الكثير من الثقافات الخاطئة، ممّا يدعوها إلى التسلّح لتكون مدافعًا قويًا عن عائلتها، ولتدير شؤونهم مع كلّ ما تواجهه من صعوبات. في هذا الصدد توجّهنا بالسؤال لبعض الأمّهات المتخصّصات في الجانب التربوي والأسري ليشاركننا رؤيتهنّ: ما الذي تحتاجه الأمّهات اليوم؟ وهل مهمّتهنّ باتت أصعب من السابق أم العكس؟ فأجابت المرشدة زينب أحمد فاطمي من وحدة الدعم والإرشاد النفسي – الطفولة/ مركز الثقافة الأسرية: في الوقت الحالي جلّ ما تحتاجه الأمّ هو ما يندرج تحت النقاط الآتية: - البناء الصحيح للأطفال عن طريق استخدام الحزم ووضع القوانين المهمّة من جهة، والتعبير عن التعاطف والحبّ والرحمة من جهة أخرى. - من الضروري أن تقضي الأمّ وقتًا نوعيًا مع الأطفال، وهنا تتّضح مساوئ عمل المرأة خارج المنزل، حيث لا يبقى لها وقت تقضيه مع أولادها. - توفير البدائل لملء وقت الأطفال، والاستفادة من طاقاتهم بحسب فئاتهم العمرية. - عدم إدخال الأجهزة الإلكترونية في مراحل مبكّرة من عمر الطفل، وعدم وضع الموبايل تحت تصرّفه بهدف التسلية. - من الضروري تحمّل الأمّ إلحاح الطفل لحصوله على الأجهزة الإلكترونية، وعدم إكتراثها بذلك وعدم تلبية طلبه. وبكلّ تأكيد في الوقت الحالي أصبحت مهمّة الأمّ أصعب لوجود مربٍّ جديد، ألا وهو الأجهزة الإلكترونية، أو بسبب إنشغال الأمّ بوظيفتها على حساب الزوج والأطفال. وقالت الدكتورة عبير نوري القطّان/ دكتوراه في القانون الخاصّ وتدريسية في كلية القانون/ جامعة كربلاء: تحتاج الأمّ في يومنا هذا إلى أمر واحد فقط، تطلق منه كلّ إمكاناتها تجاه أولادها، وهو الشعور بالمسؤولية الذي فقدته بعض الأمّهات ويا للأسف، وإذا ما تحقّق هذا الشعور لدى الأمّ، فسوف تنطلق منه لتربية أبنائها واحتوائهم، وتحاول معرفة كلّ ما ينفعهم من أساليب تربوية ومهارات، وحينها سيكون نجاحهم نجاح أسرتها الذي يعدّ أكبر تنمية مستدامة للأمّ عن طريق الحفاظ على أسرتها، وهو قمّة نجاحها، وفي الوقت الحاضر وأمام تلك المغريات باتت مهمّتها أصعب من السابق، لكنّها أروع، فهي تخوض حربًا فكريةً لمواجهة تلك التيّارات التي تدعو إلى الأنانية والفردية، والتخلّي عن القيم والمبادئ والفضائل التي تدعو إليها الشريعة الإسلامية والعرف الموائم لها، فأمام تلك المغريات على الأمّ أن تعلم أنّ الراحة كلّ الراحة في العمل والتضحية، وقطف ثمار التعب على إنشاء أسرة مثقّفة، سعيدة، متماسكة، والتوفيق والسداد الذي ينتظر كلّ معطاء ومضحٍّ ومتفانٍ في الدنيا والآخرة. وأمّا رأي الكاتبة والمربّية رويدة عبد الكاظم الدعمي فكان: الأمّ اليوم بحاجة إلى ثقافة ووعي بكلّ ما يدور حولها في المجتمع والعالم، فدورها في السابق لم يكن يتعدّى مملكتها الصغيرة: بيتها وأسرتها، ولا علاقة لها بما يدور خارج حدود هذه المملكة؛ لأنّ أبناءها وكلّ تصرّفاتهم كانت أمام ناظريها، حتى عندما يخرجون من المنزل، فإنّها تعلم بحكم تربيتها لهم وثقتها بهم بمن يلتقون وأين يذهبون، وأكثر أبناء العوائل الملتزمة كان مشوارهم من البيت إلى المدرسة وبالعكس، أمّا اليوم فالأبناء وإن كانوا موجودين داخل البيت، إلّا أنّهم يجوبون العالم شرقًا وغربًا عن طريق الإنترنت، فالعالم اليوم أصبح بمنزلة القرية الصغيرة التي غدا فيها كلّ شيء مباحًا، والجميع مطلّع على مكنوناتها وأسرارها، فهنا كيف يمكن للأمّ أن تسيطر على تحرّكات الأبناء وسط هذا العالم، والدعوة إلى الانحلال تدقّ طبولها بوقوف أكبر الدول الغربية والعربية مع الانحراف والابتعاد عن القيم الأخلاقية؟! فكيف ينبغي للأمّ أن تتصرّف؟ وكيف لها أن تحذّر أولادها من الخطر المحدق بهم إن لم تكن لديها ثقافة ووعي بكلّ ما يحصل حولها؟! إذًا، نستخلص من ذلك أنّ على الأمّ أن تعمل على تزويد نفسها بالمعرفة، وأن تتحلّى بالصبر، فمهمّتها كبيرة وعظيمة تحتاج إلى الكثير من الجهد والدراية.