رياض الزهراء العدد 205 الملف التعليمي
واحة التّعليم وشجيراتها القصيرة
واحة التعليم مخضرّة الأشجار، ودائمة الثمر، هذا ما اعتدنا سماعه، أو الانطباع الذي أخذناه عن عملية التعلّم، فالاستمرار في مجال العلم غالبًا ما يطوّر الفرد ويثري معلوماته، حتى تعامله على صعيد الحياة الاجتماعية سيختلف، إنّها المسيرة الفطرية المتوقّعة التي كان يتميّز بها المتعلّم عن غيره وينفرد، ويطلق عليه تسميات مميّزة من قبيل (أفندي) و(متعلّم)، وما إن تجلس مع أحدهم وإن لم يكمل تعليمه الثانوي، حتى يبهرك بمعلوماته وتطوّرها، منهم جدّي الذي أنهى تعليمه للمرحلة الابتدائية فقط، فكان أول من نلجأ إليه عندما يكون لدينا امتحان في اللغة الإنكليزية ونحن في المرحلة الثانوية! الفرق كبير بين الأمس وما نراه اليوم من طلاب قد أكملوا مرحلة البكالوريوس، حتى الماجستير، لكنّ خزينهم المعرفي يكاد يكون مقصورًا على تخصّصهم فقط ـ هذا إن أجادوه ـ وفي الحقيقة عندما نبحث عن الأسباب التي أخذت تهدم هذه الصورة، فسنجدها تتلخّص في عاملين، هما: 1ـ ثقافة المعلّم: فهذا العامل مهمّ جدًا بالنسبة إلى تلقّي التلاميذ المعلومة، بوصفه أنموذجًا يتّبع خطاه المتعلّم، فعندما يسيء المعلّم إلى نفسه عبر استخدامه لبعض الألفاظ التي تستخدم في مواقع التواصل الاجتماعي، أو يقوم ببعض التصرّفات التي لا تليق بمعلّم رسالي، حتى عن طريق تقديمه للمعلومة إذا كان غير دقيق أو غير ملمّ بالمنهاج، أو بارتدائه زيًّا لا يتلاءم والمهنة، فهي أمور تعكس نتائج سلبية عن قدوة التعليم، ومن ثم تضعف المنظومة التعليمية. 2ـ تلقّي المتعلّم: اختلفت طريقة تلقّي العلم من جيل إلى آخر، فحين كان ينظر إلى العملية التعليمية على أنّها تثري الفرد والمجتمع، وتفيد الإنسان في تقدّم مسيرته، أصبح ينظر إليها بوصفها مجرّد فرض ينتقل بالطالب من سنة إلى أخرى؛ ليحمل صفة (حامل شهادة) لا حامل علم؛ لذلك نرى الجيل الحالي ينظر إلى المدرسة على أنّها عبء، وينشرح صدره حين يأتي خبر العطلة ليتخلّص من ثقل هذا العبء. هذان العاملان هما الأهمّ في نجاح العملية التعليمية، بغضّ النظر عمّا إذا كانت البيئة التعليمية صالحة أم لا، وغيرها من الأمور، وعلى الرغم من كلّ التحدّيات الحديثة، يبقى هناك معلّم مثالي وطالب مثالي، استطاعا أن يقدّما صورة مشرقة عن نجاح العملية التعليمية في الوقت الحاضر وفي البيئة والمنهج ذاتهما.