الرحمة المتجلية

زينب كاظم التميميّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 187

ما دامت الحياه قائمة، فعطايا الله تعالى قائمة أيضًا، وما دامت الحياة مستمرّة، فلطف الله سبحانه يحفّنا من كلّ جانب، ومن أعظم النعم التي منّ بها الباري علينا وعلى جميع الكائنات أن جعل لنا أئمة يهدوننا إلى الطريق القويم، وإلى معرفة الله تعالى الحقيقية لنعبده خير عبادة، ونؤمن به خير إيمان، فهم الصراط المستقيم، والنور الذي يهدينا لنحظى بالسعادة الأبدية، ونصل إلى الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، لكنّ الإنسان بجهله قد يغفل عن تلك النعمة بقصد أو بغير قصد. لقد منّ الله علينا بالمعصومين الأربعة عشر (عليهم السلام)، وجعلهم حججه على عباده، يهتدي بهم المهتدون، والسالكون، والمريدون المجتهدون، ولا وصول إلى الكمال من دونهم. لكنّ الأمّة قد كسرت مصابيح الهداية تلك، فما منهم إلّا مسموم أو مقتول، وقد اختار الناس بذلك الخسارة، وهي من الخسارات الكبيرة التي لا عوض لها، حتى استمرّ ظلم العترة الطاهرة إلى يومنا هذا بغياب الإمام المهديّ (عجّل الله فرجه الشريف) عن الأنظار. أمّا مراقدهم المقدّسة، فما تزال موجودة، يلوذ بها الموالون ويطوفون بها في كلّ حين، يستمدّون القوة والهداية، وعلينا أن نشيّد ونعمّر أضرحتهم المقدّسة، وندافع عنها، كقبور أئمة البقيع (عليهم السلام). وإذا تدبّرنا آيات القرآن الكريم لرأيناه يعظّم المؤمنين ويكرّمهم بالبناء على قبورهم، حيث كان هذا الأمر شائعًا بين الأمم التي سبقت ظهور الإسلام، فيحدّثنا القرآن الكريم عن أصحاب الكهف حينما اكتشف أمرهم بعد (309) أعوام، وبعد انتشار عقيدة التوحيد وغلبة الموحّدين، في قوله تعالى: )ابنوا عليهم بنيانًا( (الكهف:21) تخليدًا لذكراهم؛ فدعوا إلى بناء مسجد على الكهف بجوار قبور أولئك الذين رفضوا عبادة غير الله تعالى؛ كي يكون مركزًا لعبادته تعالى، فكيف بأئمة هم أشرف خلق الله، وهم الرحمة المتجلّية في الأرض؟ لذا علينا السعي للعمل على تشييد قبورهم (عليهم أفضل الصلاة والسلام)، وهو أقلّ حقّ من حقوقهم علينا.