"أفضل الدين الحب في الله"

عهود فاهم العارضيّ/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 167

المنظومة الإنسانية منظومة معقدة جدًا، بل أعقدها على الإطلاق، حيث تتداخل فيها الأفكار والأهواء، وتمتزج في طياتها المعتقدات والأسس التي يقوم على أساسها أي معتقد، سواء كان معتقدًا دينيًا، أو فلسفيًا، أو نظريةً علميةً، وتبقى الأفكار مجرد نظريات حتى تتحول إلى أفعال، إذن يسبق أي فعل فكرة، وهذه الفكرة لابد من أن تولد من شعور، فالشعور يبقى المحرك الأول للإنسان ومنظومته المعقدة، وقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: "يا أيها الناس، إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"(1)، والنية تتولد من الشعور، فإذا كان الفرد يحب أحدًا، نوى له النية الحسنة، أما إذا كان يكرهه، فستكون نيته سيئة تجاه من يكره، إلا أن يخاف الله تعالى ويغلب على أمره مرضاة الله سبحانه، وهذا بالفعل ما جاء به الدين الإسلامي، إذ شرع لنا قانونًا إلهيًا على لسان النبي (صلى الله عليه وآله)، منه ما جاء في وصية الإمام علي (عليه السلام) إلى ابنه الحسن المجتبى (عليه السلام) حيث قال: "يا بني، اجعل نفسك ميزانًا في ما بينك وبين غيرك، فأحبب لغيرك ما تحب لنفسك، واكره له ما تكره لها"(2)، فلو كان كل شخص منا يطبق كلام أمير المؤمنين (عليه السلام)؛ لعم السلام في المجتمعات. وهذا مبدأ الدين الإسلامي، وهي الصورة الحقيقية للدين، وللحب في الله مكانة كبيرة في أحاديث العترة الطاهرة (عليهم السلام)، فقد جاء عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: "إن أفضل الدين الحب في الله، والبغض في الله، والأخذ في الله، والبكاء في الله"(3)، وأعظم صورة للحب في الله هي محبتهم أهل البيت (عليهم السلام)، فقد ورد عن أبي جعفر محمد بن علي (صلوات الله عليهما) أن قومًا أتوه من خراسان، فنظر إلى رجل منهم قد تشققت رجلاه، فقال له: "ما هذا؟ فقال: بعد المسافة يا بن رسول الله، ووالله ما جاء بي من حيث جئت إلا محبتكم أهل البيت، قال له أبو جعفر: أبشر، فأنت والله معنا تحشر، قال: معكم يا بن رسول الله؟ قال: نعم، ما أحبنا عبد إلا حشره الله معنا، وهل الدين إلا الحب، قال الله عز وجل: قل إن كنتم تحبون ٱلله فٱتبعونى يحببكم ٱلله"(آل عمران:31)(4). ........................ (1) ميزان الحكمة: ج4، ص3414. (2) بحار الأنوار: ج72، ص29. (3) المصدر السابق: ج1، ص514. (4) دعائم الإسلام: ج1، ص71.