العزلة السلبية.. ابتكار المتشائمين

جنان عبد الحسين الهلالي/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 108

تعددت اهتمامات الإنسان المعاصر، فأصبح يضع بعض المهام على قائمة أولوياته ويقلص من بعض المجالات، وبعضهم استغل جانب الوقت وسخره لتنظيم حياته، فيما اختار بعضهم الآخر العزلة والانطواء على الذات، وصب جل اهتمامه على المواقع الإلكترونية والعلاقات الافتراضية؛ ليعوض انعزاله عن الآخرين. العزلة السلبية مرض يهدد سلام الأسرة الداخلي، بخاصة فئة الشباب، فأصبح الشاب يميل إلى كل شيء في حالة هيجان وكل شيء يطبعه على التشنج، كألعاب العنف والمصارعة، والقصص الخارجة عن المألوف، والأخبار الملفقة عن العالم، كل تلك الأحداث تشغله وتبعده عن العالم الحقيقي الذي يعيش فيه، فنجده يبحث دومًا عن كل جديد في أروقة التصفح الإلكتروني، ما يتضمن العنف والصخب والفوضى، هذا ما تصنعه التقنية من روابط وبرامج، حتى يظل الشاب في حالة إلهاب مشاعري دائم، هذه المشاعر قد تكون تعلقًا، عتبًا، اهتمامًا، تحاملًا، لا بأس، فالمهم أن يبقى الموقد مشتعلًا. إن العزلة تسلبنا القدرة على الأمل، وعلى اعتناق المشاعر طويلة الأمد، فالإنسان بطبيعته خلق ليحيا بين الجماعة، ويعمل في ضمن نظام تكافل جماعي، يتبادل الأفكار ويتفاعل معهم، ويستفيد من خبراتهم، وهذا هو سر تقدم الإنسان، ومن النادر وجود شخص ناجح بمجهود فردي. إن الشاب الذي يتخذ لنفسه أصدقاء عديدين مختلفي التفكير والميول والمواهب لا يحيا حياة واحدة، بل يحيا ألف حياة وحياة، وكثرة الأصدقاء تأتي حتى قبل الصحة والنبوغ في ترتيب النعم والخيرات التي يرزق بها الإنسان، والقليلون يحاولون توسيع دائرة معارفهم من أجل التوفيق والنجاح، والعزلة لها دورها في بعض الأحيان للتأمل والاستراحة، وللمذاكرة أو الانشغال بالعمل على مشروع مفيد معين، فالتواصل الاجتماعي والانخراط في الحياة الاجتماعية يؤديان دورًا مهمًا في الحفاظ على الصحة النفسية وتطوير الشخصية، وللوقاية من العزلة السلبية هناك إرشادات، منها: - حاولي الحفاظ على اتصال اجتماعي متوازن. - قومي بالمشاركة في الأنشطة الاجتماعية. - ابحثي عن فرص للتواصل مع الآخرين، وكوني منفتحة على بناء علاقات جديدة. كل الذين يدعون إلى العزلة واهمون، فالعزلة مرغوبة لوقت محدد، تسير وفق خطة معينة للتفرغ لإنجاح مشروع معين، وليس مثلما يدعون إليه من انعزال مطلق عن المجتمع. إن الإنسان يتعافى بوجوده مع الناس، بالتعامل معهم، وبالتواصل، وبتبادل الآراء، فأول المتأثرين هو ذاتك، فحافظي عليها من غربة الروح.