رياض الزهراء العدد 205 هندسة الحياة
التعلم الذاتي
مصطلح جديد نسبيًا تم تداوله منذ برهة من الزمن، وهو من الأمور التي تستحق التوقف عندها، والخوض في غمارها لمعرفة كنهها، ومدى الاستفادة منها على أرض الواقع. كثيرًا ما نسمع أن العالم أصبح بمنزلة القرية الصغيرة، وعن طريق كبسة زر واحدة تنفتح أمامنا بوابات المعلومات اللامتناهية بكافة مصادرها المكتوبة، والمنطوقة، والصورية، التي غالبًا ما توصل إلينا الرسائل بما تتضمنه من أفكار، وأهداف، ومشاعر أراد مرسلها إيصالها، ومن جملة ما يرد هو المعرفة على كل الصعد، وهنا يكمن مبدأ (التعلم الذاتي) الذي يعني اكتساب المتعلم بنفسه القدر المراد من المعارف، والمفاهيم، والمبادئ التي يتم تحويل الجزء الكبير منها إلى مهارات عملية، في حال تم إحاطتها بالرغبة والإرادة الجادة للتغيير الإيجابي، وكل ذلك يرتكز على قدرة الفرد، ومدى سمو أهدافه في البحث عن فرص التعلم والرقي . ونجد أن هذا النوع من التعلم ربما يعد من أصعب الأنواع، حيث القرار الشخصي بالاختيار والانطلاق، وتحديد المجال، ومنصات الوصول إلى المعلومة، وكل ما يتم تنظيمه، هو ذاتي المصدر، وزمام القيادة بيد المتعلم لا غير، فيعتمد على القاعدة السليمة التي بنيت عليها معتقداته وقيمه التي تشكل الرادع في وجه أي انحراف ممكن الحدوث، نظرًا لاتساع رقعة المعلومة وسهولة الوصول، وإمكانية دس السم في العسل، وجعله بالشكل المستساغ لدى بعضهم، فهو سلاح ذو حدين، شأنه شأن أي فضاء مفتوح آخر. ولنسلط الضوء قليلًا على ميزات (التعلم الذاتي) لننتقي الطيب من الخبيث وسط أمواج متلاطمة من المآرب المختلفة لمروجي المعلومة، فأول ما يمكن الاستفادة منه هو ضرورة أن يضع المتعلم الخطة المستقبلية السديدة لنفسه بنفسه، فيحدد الأهداف ووسيلة الوصول، ثم يصمم على إكمال الطريق وتحدي العقبات المحتملة، و(التعلم الذاتي) يمتاز بالمرونة في اختيار الوقت المناسب للاشتراك، وإكمال المادة المطلوبة عن طريق منصة التعلم المختارة بدقة واهتمام، مثلما يمكن قياس مدى التقدم والنجاح، وفي الكفة الأخرى يمكن تحديد نقاط الإخفاق وإعادة الكرة لترميمها وإتقانها بسهولة، وهذا ينمي لديه الحافز على الاستمرار، وعدم الشعور باليأس عند أول إخفاق ممكن، ونظرًا إلى تعدد الخيارات المعرفية المتاحة وتنوعها، وعدم الالتزام بوقت محدد، تكون كل الأبواب مشرعة لإثراء جوانب الحياة، وإرواء عطش التعلم والرغبات في العلوم التي لم يتمكن المتعلم سابقًا من خوض غمارها لسبب أو لآخر . إذًا حري بنا أن نستثمر كل ساعات حياتنا لبلوغ الأهداف، وترك بصمة إيجابية في مجتمعنا الجميل.