رياض الزهراء العدد 206 ركائز الإيمان
"فخير من الخير فاعله"
إن للخير أهلًا نذروا أنفسهم في قضاء حوائج الناس وتفقد أحوالهم والتخفيف من معاناتهم، وقد جاء مدحهم على لسان المعصومين (عليهم السلام) عندما تحدثوا عن فاعل الخير ووصفوه بعدة أوصاف، منها: 1ـ ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: "افعلوا الخير ما اسْتطعتم، فخير من الخير فاعله"(1)، فعلى الإنسان أن يسخر كل طاقاته وإمكاناته في فعل الخير، فإذا كان من الخير إدخال السرور على الآخرين وقضاء حوائجهم نافعًا ومفيدًا، فإن فاعله أكثر نفعًا وفائدة من الخير نفسه الذي صدر منه. 2ـ وعنه (عليه السلام) أنه قال: "أسعد الناس بالخير العامل به"(2)، فما مقدار السعادة التي يشعر بها صاحب الحاجة عند قضائها؟ ما مقدار سعادة من انفرجت كربته وهمومه؟ إنه كثير جدًا، لكن سعادة الإنسان الذي كان سببًا في تحقق الحاجة أو تفريج الكربة، أكثر من سعادة صاحب الحاجة والمهموم. 3ـ وعنه (عليه السلام) أنه قال: "إن الله عز وجل خلق خلقًا من خلقه لخلقه، فجعلهم للناس وجوهًا وللمعروف أهلًا، يفزع الناس إليهم في حوائجهم، أولئك الآمنون يوم القيامة"(3)، هؤلاء يعيشون هموم غيرهم؛ لذا يفزع إليهم المحتاج ويكونون له ملاذًا وملجأً آمنًا، فيجزيهم الله مقابل الأمن الذي وفروه في الدنيا لغيرهم بأمن يوم القيامة، يوم الفزع الأكبر. 4ـ ورد عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أنه قال: "إن الله عز وجل جعل للمعروف أهلًا من خلقه، حبب إليهم فعاله، ووجه لطلاب المعروف الطلب إليهم، ويسر لهم قضاءه كما يسر الغيث للأرض المجدبة ليحييها ويحيي به أهلها..."(4)، فأصحاب المعروف وجودهم مهم جدًا، وعلاقتهم بفعل الخير أقوى من طلب الثواب، فهم مشخصون ومعروفون، وطلاب الخير يتوجهون إليهم، وعلى أيديهم يتحقق المعروف بتوفيق من الله تعالى، إنهم بمنزلة الغيث الذي يحيي الآمال في النفوس. 5ـ ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: "صاحب المعروف لا يعثر، وإذا عثر وجد متكأً"(5)، صاحب المعروف يحميه الله من السقوط والزلات، ومن التراجع في مستواه الإيماني بسبب بركة فعله للخيرات. 6ـ وعنه (عليه السلام) أنه قال: "المحسن حي وإن نقل إلى منازل الأموات"(6)، فهو موجود بآثاره، بأعماله، بخيراته، كلها تذكر به، وتبقيه حاضرًا وإن رحل جسدًا. ........................................... (1) ميزان الحكمة: ج3، ص569. (2) عيون الحكم والمواعظ: ص123. (3) الخير والبركة في الكتاب والسنة: ص80. (4) الكافي: ج4، ص25. (5) المصدر السابق: ص80 (6) ميزان الحكمة: ج3، ص125.