فَوَاطِمُ ونَوَائِب

لوية الفتلاوي
عدد المشاهدات : 234

من نورِ عظمتِه خُلقتْ.. وبإشراقتِها أضاءتْ السماواتُ والأرض.. وفي محرابِها يزهرُ نورُها كما يزهرُ نورُ الكواكبِ لأهلِ الأرض.. إنسيةٌ طعامُها التسبيحُ والتقديسُ والتهليلُ.. تفوحُ منها رائحةُ عطرِ الجنةِ.. توافدتْ عليها أمواجُ الألمِ وقد نهشتْ جسدَها النحيفَ.. وكانتْ رزيةُ الرزايا أوّل مصيبةٍ قد احتوشتْها.. وإذا بحمامةِ السلامِ طَريحةً على فراشِ المرضِ.. متألمةً بقلبٍ مضطرمٍ ينزفُ دماً على ظلامتِها بعد أبيهَا المصطفى (صلى الله عليه وآله).. إذ استبشرتْ بأنّها أولُ اللاحقينَ بهِ من أهلِ بيتِه (عليهم السلام).. تاركةً إمامَ المتقينَ وحيداً غريباً بلا ناصرٍ ولا معينٍ إلا الله.. مفارقةً أطفالَها الصّغار.. ابكني إن بكيت يا خير هادي وأسبل الدمع فهو يوم الفراق فاضتْ روحاً زكيةً قد صدعتْ قلبيْ الحسنين.. وبعد مِضي شطرٍ من الليلِ المظلمِ وهدوءِ الأصواتِ ونومِ العيونِ نُفّذت وصيةُ الطاهرةُ المظلومةُ وحُمِل الجسدُ النحيفُ ذائباً بالمصائبِ حتى صارَ كالهلالِ.. وبغصبِها حقّها انطوتْ صفحاتُ العمرِ.. اختفتْ فاطمُ في بطونِ التّرابِ مخفيةً قبراً مدفونةً سراً.. غادرتْ الدنيا وهي بعمرِ الوردِ.. متوشحةً وشاحَ الألمِ والأذى.. وها هو قلبٌ آخرُ يعتصرُ ألماً وحسرةً على فَلذةٍ أخرى من كبدِ النبيّ (صلى الله عليه وآله).. وها هو صوتُ امرأةٍ شاطرتْ عمّتها زينب (عليها السلام) بلوعةِ المصابِ بفقدِ شقيقِها الإمامِ الرّضا (عليه السلام).. وقد توشحتْ هي الأخرى غصّةَ الألمِ والأذى بحرمانِها من رؤيةِ أخيها.. وغادرتْ الدنيا كمداً وقهراً على فراقِ الأحبةِ من أهلِ بيتِها الإنجاب.. وسيبقى صوتُ فاطمةَ المعصومةِ بقمّ المقدّسةِ يُضمُّ لصوتِ جدتِها فاطمة (عليها السلام).. يتعالى ويصدحُ دائماً حتى يُخرسَ الباطلَ.. وها هي مآذنُ سامراءَ تتأججُ صارخةً مدويةً.. لبيكِ يا زهراء.. لبيكِ يا زهراء..