رياض الزهراء العدد 206 ألم الجراح
سامراء وعيون الرضا
عيون الشغف ترسو مراكبها على ضفاف حرم الأمنيات، فتسيل الأشواق الوليدة كأنهار النور ترتشف منها إكسير الخلود.. وتأتلف الأرواح حولها وتتشح قبتها الذهبية ببياض النقاء والخشوع من روح الشمس؛ لتكون ملاذًا للمهج وسكونًا للأفئدة.. قبسات الرحمة من أفراح تناثرت من أحداق السماء، تبشر بما هو آتٍ، وبما نبأ به جبرئيل (عليه السلام) الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله)، فسمع بأرق نبرة نبوءة الحق المبين.. واليوم، أعلم أن الوعد قد حان، وعلامات النبوءة في بيان.. وتهللت الدنيا بتلاوة آيات القرآن، فقد تلقفت الأرض سراج الله المنير.. فسجد الثرى في صلاة الحمد لله على نعمة وريث الإمامة ابن الكاظم (عليه السلام).. وتعالت تسابيح الملائكة بين الأرض والسماء.. يكتبها التاريخ بريشة تعشق الجمال، مفعمةً بعطر الطهر لخير الأصفياء.. تلقفته يد الإمامة ليرى في وجهه الصبوح ملامح الرضا تتقاسمها الشجاعة العلوية.. نعم، إنه علي الرضا (عليه السلام) الذي تهللت لولادته الكائنات، وطأطأت لهيبته الرؤوس، وغرقت في بحر نفحاته الحروف والكلمات.. سامراء! أشرق النور الثامن من الإمامة ليمسح دمعك المنسكب فوق جرحك الأزلي.. فلتستأنس النفوس تحت أعتابك بذكره الزاكي.. وتسقى الأرواح الظمأى الوالهة من رحيق عذب علمه.. وتجبر خواطر بشعاع عدله الوضاء قد كسرت قهرًا.. رسم الزمان على دهاليزك الشماء بريشته الملونة وجه السعادة.. واستمدت من العلوي طريق الهداية الواضح.. واستقبل الكون الخير واليمن بالنسل الميمون الذي باركه الله بالعصمة والفضل والرفعة.. الوقوف على باب حضرتك هو وقوف مهيب؛ لأنه باب تاريخ مجيد يروي حكايات مدينتي الشامخة، وسر أسرارها.. وتزدهر فيه منائرها؛ لتبقى فريدةً في سرها.. منيرةً في شعاع صفوتها.. معطرةً ببهائها.. مبجلةً بمناجاتها.. حاملةً للواء الفخر الذي يتماهى مع أعنان السماء.. فيخفق القلب واجفًا، وتتوالى الأنفاس، وتدمع العين انكسارًا.. فقد حملت بإخلاص رسالات الإسلام، والسلام..