ابنتي والعتاب

زينب عبد الله العارضي/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 149

بنيتي: إنك ياسمينةٌ عطرة يملأ أريجها الحقول، وجوهرةٌ نادرة تسطع كالشمس وتأبى الأفول، هكذا أراك، وأشكر المولى الذي أنعم عليك بهذا القلب، وميزك وحباك، فما أقربك مني وما أغلاك. عزيزة روحي: على قدر براءتك ونقاء داخلك، وصفاء سريرتك، قد تؤلمك بعض تصرفات صديقاتك، ومن حقك معاتبتهن، ومعرفة أسباب سلوكهن، لكن انتبهي وكوني حكيمة في انتقاء الكلمات، ونسج الجمل والعبارات، فلون العتاب وكثرته، وأسلوبه وكيفيته، قد يتسبب في نفور صديقاتك منك، وابتعاد أخواتك عنك. فاحذري أن تذكري لهن إحسانك إليهن، أو برك بهن، وإياك أن تجرحي مشاعرهن، أو تكدري خواطرهن، انتقي كلماتك بدقة، وغلفي عتابك لأخواتك بالود والرقة. وتذكري أنك أنت أيضًا لك أخطاؤك وهفواتك، ويا لسعادتك لو رأيت إحدى أخواتك تصفح عن زلتك، وتتغاضى عن تقصيرك، وتقوم اعوجاجك بلين كلامها، وطيب توجيهها، وروعة أسلوبها. نعم، العتاب حياة المودة مثلما تذكر الروايات، لكن علينا فهمه ومعرفة كيفية استخدامه، فهو برقية حب واهتمام، نبرز فيها رغبتنا في فهم أسباب التصرف المزعج الذي أقدم عليه الطرف المقابل، فتسبب بألمنا، وهذه الرغبة تؤكد حرصنا على بقاء أخوتنا وطيب علاقتنا. العتاب يلين القلوب التي ترغب في إدامة الوصال واللقاء، نغسل به ما يعلق بأرواحنا من البغضاء والشحناء، هذا إن راعى كل واحد منا آدابه وطرقه، من دون ذم وتجريح وشتم، بل بحب ولطف وصدر رحب. فاحذري يا نور بصري من شفرة العتاب الحادة التي تقطع الأواصر وتدمر العلاقات، وتمحو صفحات الإخاء وأطيب الذكريات، فأغلب الناس يحب عتاب الهمسات، الذي يرق له الفؤاد، وتستسلم أمام دفقه الهادئ الروح، وتفتح أمامه أسماع القلوب. فكوني في عتابك حذرةً مباركةً، وبنور تعاليم أهل البيت (عليهم السلام) متمسكة، التمسي العذر لأخواتك، وتغاضي عن بعض تصرفات صديقاتك، ولا تثقلي على من تحبك، فتجعليها تفر من مجالستك، أو تخاف من محادثتك، وتحسب ألف حساب للتعامل معك؛ لفرط تحسسك من كل كلمة تقال لك، أو تصرف عابر يصدر منها تجاهك، فالمؤمن يا عزيزتي هش بش، لا يعاتب على كل أمر، ويلتمس لإخوانه العذر، ونهجه في حياته التغافل والرفق واليسر. بنيتي: العمر قصير، والطريق طويل، والزاد قليل، فلا تكدري صفاء باطنك، ولا تلوثي نقاء روحك، ولا تبددي ساعات عمرك بكثرة عتابك. اجعلي الصفح شعار حياتك، والتغافل عن كثير من الأمور عنوان رحلتك؛ كي تحظي بحياة طيبة، وتصلي بإذن الله تعالى إلى هدفك.