رياض الزهراء العدد 90 منكم وإليكم
أَبيَضُ وأَسْوَد
إلى كلّ علاقة صداقة صادقة.. إلى صديقتي الغالية.. كان كلّ ما حولي أبيضَ وأسودَ، جدران بيض وستائر سود، طلاب يلبسون الأبيض والأسود ويتخذونه زياً لهم، فلم أرى من حولي شيئاً ملوناً، وكان كلامهم مثل لباسهم ليس فيه شيءٌ من المرح، تملؤه الآهات والأحزان، ظللت جالسة وصامتة، وأنا أطالع كلّ ما حولي، تتلألأ عيني بالدموع لكنها ترفض النزول، وفي هذه الأثناء دخل الأستاذ علينا وكان يلبس الأبيض والأسود أيضاً، وقد حمل كتاباً غُلِّف بالأسود وفيه وريقات بيضاء، دخل ولم يُلقِ التحية كأنها تثقل لسانه، أخرج الجميع دفاترهم ذات الأوراق البيض ليكتبوا عليها بالقلم الأسود، ثم بدأ الأستاذ يكتب بطباشيره الأبيض على اللوح الأسود، وفي هذه اللحظة أحسست باختناق شديد من عالم الأسود والأبيض الذي حولي وأردت الصراخ، فأطلقت صرختي بصمت، وفي هذه الأثناء طُرقت الباب، فدخلت إحدى الطالبات ورسمت على وجهها ابتسامة وألقت التحية، فابتسمت لها وجلست إلى جانبي، فأحسست بنسمة ربيع أعادت الأمل إليّ، ثم قامت من مكانها وتقدّمت نحو اللوح الأسود ورسمت عليها وردة بلون زهري أوراقها خضراء، وأكملت رسمها وفي هذه اللحظة شعرت بشعور فيه راحة وطمأنينة يتأقلم مع مَن حولي بوجودها، أعادت إلى الصف حيويته ونشاطه بعد أن وضعت لوناً للحياة، فكان لابدّ لأحد من أنْ يضع لحياتنا سيمفونية جديدة، فتمّت وباللون الزهري نفسه كتبت: تعب قلبي من الأصحاب وحارت فيهم أبياتي فواحد يجرح بلا أسباب وواحد يفرح لزلاتي فوجدتك أجمل الأصحاب ووجدتك صرتي في ذاتي ومن دون مقدّمات أصبحنا صديقتين وأصبحت كلّ شيء في حياتي، فعوضتني عن أهلي الذين فقدتهم، وطُبعت في صفحات حياتي وأعادت إليّ السعادة وغيّرت حياتنا من اللون الأبيض والأسود إلى ألوان زاهية.