تَأثِيرُ التّكنُولُوجيَا الحَدِيثَةِ فِي الوَاقِعِ الاجتِمَاعِيّ لِلمَرأَة

رنا محمد الخويلدي
عدد المشاهدات : 166

الماء سرّ الحياة، والأشجار المثمرة زينة الأرض ومنفعتها، ومع ذلك إذا أساء الناس التصرف بهما أو مقابلهما فلا سرّ الحياة يكون حياة ولا زينة الأرض ومنفعتها تكون زينة ومنفعة.. بالضبط كما حصل في أهل سبأ، حيث أصبح الماء سيلاً جرف أشجارهم ذات الثمار الطيبة وأبدلهم بأشجار ذات أكل مرّ وغير نافع عدا شيئاً من السدر قال تعالى: (فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ)/ (سبأ:16) وهذا هو الحال في كلّ نعمة ومنفعة يُساء التصرف بها أو مقابلها، وإنّ من هذه النعم والمنافع هي التكنولوجيا الحديثة، إذ إن التكنولوجيا الحديثة أساساً هي نعمة من نعم الله تعالى على أهل هذا الزمان ومنفعة لهم عملياً واجتماعياً، حتى دينياً وإنسانياً، لتوفيرها سرعة الاتصال والتواصل ونشر الفكر وتصفح الثقافات وغير ذلك، إلّا أنها أيضاً للذي يُسيء التصرف بها، تكون بضرّها عليه أقرب من نفعها، حتى وجدنا بسببها كثيراً من المشاكل والانهيارات، منها أسريّة واجتماعيّة، والمرأة المتضرر الأكبر فيها، بل المتهّمة في إثارتها، وأغلب هذه المشاكل والانهيارات هي بسبب النّقال، وهي على عدّة أبعاد أهمها: أولاً/ اتصال الفتيات أو اتهامهنّ بالانجراف نحو الاتصالات، والرسائل المريبة والتفاعل معها، ما يعرضهنّ للضرب وللتضييق من قِبل أوليائهنّ. ثانياً/ إن الزوجة غير الواعية بمجرد أن تحدث مع زوجها أو مع أهل زوجها مشكلة تلجأ مباشرة إلى الاستنجاد بأهلها بواسطة النّقال، ما يسبب مشاكل حادة بين أهلها وبين أهل زوجها، أو بين أهلها وزوجها، وللأسف قد وصل الأمر في بعض العوائل إلى القتل في ما بينهم نتيجة ذلك، علاوة على فقد ثقة الزوج بهذه الزوجة؛ لأنها تُفشي أسرار العائلة، فتنشب بينهما المشاكل وقد تصل إلى حدّ الطلاق. ثالثاً/ اتقاد غيرة الزوجة على زوجها بسبب اتصالات ورسائل تعتقد أنها من أو إلى امرأة أخرى. هذه أهم المشاكل والانهيارات الأسريّة والاجتماعيّة التي تحدث بسبب إساءة التصرف في التكنولوجيا الحديثة، والمرأة على الرغم من أنها على الظاهر هي المتلبسة بهذه الإساءة إلّا أننا لا نستطيع أن نحكم فقط على الظاهر، حيث وجدنا المرأة في بعض هذه المشاكل وليس كلّها ضحيّة، إمّا لإشاعة لم يطبق فيها قول الله تعالى: (لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا)/ (النور:12)، أو لشكوك وظنون لا يرضى الله (عزّ وجل) باتّباعها بقوله: (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا)/ (النجم:28). حتى في موضوع غيرتها، نجد بعض الأزواج هو مَن يحاول إثارة غيرة زوجته في موضوع اتصالاته المريبة بالنّقال والانترنيت، ومن ثمّ أن المرأة في بعض هذه المشاكل قد تكون بريئة محكوماً عليها بالاتهام والتعاسة، إلّا أننا مع ذلك ننصحها بأن تبتعد عن كلّ ما يثير الشبهة، وأن توطد ثقة الآخرين بها وبالعكس، وإلا ستكون (كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ)/ (العنكبوت:41).