الكَآبَة

د. عامر الحيدري/ أخصائي أمراض نفسية
عدد المشاهدات : 191

الكآبة: تُعدّ من أكثر الأمراض النفسية شيوعاً، فهي عبارة عن مصطلح يتغلّب عليه طابع الحزن، وهي ليست سهلة بالتشخيص، وهناك شخصيات مشهورة عانت من الكآبة، وتلقوا علاجاً دوائياً لهذا المرض، منهم: ونستون تشرشل, إسحق نيوتن, نابليون بونابرت, إرنست همنغواي, ريتشارد نيكسون، وهي تشكل حوالي 1% بمعدل الانتشار في الأوساط الطبية. أسباب الكآبة: 1. لا يُعرف لحد الآن الأسلوب الدقيق لنقل المورثة المسؤولة عن الكآبة ويعتقد أن هنالك خلل في توازن الناقلات العصبية المسؤولة عن تنظيم الإيعازات العصبية في خلايا الدماغ، ومن أهم الناقلات العصبية التي إن نقصت ستؤدي إلى علامات الكآبة هي مادة السيروتونين. 2. عوامل خارجية ومن أهمها: فقدان شخص عزيز، وفقدان مستوى اجتماعي أو اقتصادي. 3. يعد تناول المشروبات الروحية عاملاً مهماً في الكآبة. 4. مجرد كون الفرد من جنس الإناث يعدّ عاملاً خطراً للإصابة بالكآبة. 5. في مدة ما بعد الولادة عند الأمهات ونتيجةً للاضطرابات التي تحصل لمستويات الهرمونات في جسم المرأة الحامل بعد الولادة يُصاب عادة 10% من النساء بأعراض الكآبة. أنواع الكآبة: 1. مدة حزن قصيرة لا ترتقي إلى مستوى نوبة الاكتئاب الكبرى، لكونها تستمر لمدة أقل من أسبوعين ولا يُصاحب مدة الحزن هذه تأثير في الحياة الاجتماعية والمهنية للفرد، وهذا النوع عادة يكون سببه عوامل توتر، ولكن أيّاً من هذه العوامل الخارجية إن أدّت إلى نوبة من الكآبة لمدة أكثر من أسبوعين، واجتماع خمسة من أعراض نوبة الاكتئاب الكبرى ولم يتمكن الشخص من مزاولة نشاطاته الاجتماعية والمهنية فإن ذلك يرتقي بالحالة إلى نوبة الاكتئاب الكبرى، ومن الأمثلة على هذا النوع الحزن على موت شخص عزيز حيث يشعر بعض الأفراد بمجموعة من المشاعر تفوق في حدتها مدة الحزن القصيرة، لكنها لا ترتقي إلى نوبة الاكتئاب الكبرى, وأعراضها: النوم، وفقدان الشهية، وفقدان الوزن. 2. نوبة الاكتئاب الكبرى ككآبة مدة ما بعد الولادة عند الأمهات، فبسبب التغيّرات الكبيرة في نسبة الهرمونات في جسم الأم بعد عملية الولادة، يشعر معظم الأمهات بمدة حزن خفيفة خلال الأيام العشرة الأولى وبخاصة في الحمل الأول، وهي تشكل حوالي 500 إلى 1000 من الأمهات، حيث يكون الحزن أكثر حدة، ويؤدي إلى عدم مقدرة الأم على العناية بطفلها فتحصل تقلّبات حادة في مزاجها، وتكون حريصة أكثر من اللازم على حماية الطفل، ويكون هذا الحرص سبباً في عدم تمتع الطفل بقسط كافٍ من النوم، والخوف الشديد من أن يصيب الطفل أيّ مكروه، ويكون الوصول إلى هذه الحالة غير الطبيعية شائعاً أكثر في الأمهات اللواتي كنّ تعانينَ في السابق من نوبة الاكتئاب الكبرى، وهناك احتمالية تصل إلى 50% أن تتكرر هذه الحالة في المستقبل عندما تصبح الأم حاملاً مرة أخرى وهذه الحالة كبقية الحالات قد تصل حدتها إلى نوبة الاكتئاب الكبرى إذا توفرت الشروط المطلوبة لتشخيص نوبة الاكتئاب الكبرى. 3. الكآبة الموسمية، ويمكن اعتبار هذا النوع من الكآبة أحد الفروع الثانوية من نوبة الاكتئاب الكبرى، إذ تظهر الأعراض نفسها الخاصة بالكآبة، ولكن تظهر بفصل معيّن من فصول السنة، وعادة ما تبدأ نوبة الاكتئاب الكبرى في موسم الخريف أو الشتاء وتنتهي بحلول الربيع، ولتشخيص هذا النوع يجب أن تكون العلاقة بين الموسم ونوبة الاكتئاب الكبرى موجودة على الأقل لمدة سنتين مع عدم الإصابة بنوبة الاكتئاب الكبرى في مواسم أخرى من السنة، ويجب أن لا يكون مرتبطاً بعوامل توتر خارجية حدثت في الموسم المعين، وتكون أعراض الكآبة الموسمية عادة الشعور بالخمول، وكثرة الأكل، وينتشر هذا النوع من الكآبة عادة في المناطق الباردة ذات الشتاء الطويل. 4. المزاج الحزين المزمن، وهو عبارة عن نوع من الكآبة يكون فيه الشخص متطبعاً على صفة الحزن الخفيف لمدة طويلة والتي لا ترقى حدتها إلى حالة نوبة الاكتئاب الكبرى، ويتطلب تشخيص هذه الحالة على الأقل سنتين من المزاج المتعكر أو الحزين في معظم أيام السنة، ومن صفات هؤلاء الأشخاص: ضعف الثقة بالنفس، وعدم الإحساس بالمتعة، وضعف التركيز، ونقد الذات بكثرة مع عدم الأيمان بقدراتهم الذاتية، ونوم مضطرب مع شهية إما عالية أو معدومة، وشعور بعدم الأمل بأيّ إمكانية لمستقبل مشرق، والماضي البائس، والحاضر المليء بالمشاكل والآلام.