الغَدِيرُ الثَّانِي

أم محمد الصافي
عدد المشاهدات : 137

عادت زهراء إلى بيتها مسرورة بعد حضورها ندوةً ثقافية لإحدى منظمات المجتمع المدني، فجلست بقرب أمّها وقالت: لقد استفدت الشيء الكثير، وعرفت أشياء في هذه الندوة لم أكن أعرفها من قبل. الأم: وماذا كان عنوان الندوة يا حبيبتي؟ زهراء: الغدير الثاني. الأم باستغراب: ولكن لم أسمع بهذا الاسم من قبل! زهراء: وكذلك أنا يا أمي، شأنه شأن الكثير من الحوادث التي طُمست عنّا، ولكنّنا نحن نسمّيه بفرحة الزهراء، فهل تعلمين شيئاً عن هذا اليوم يا والدتي؟ الأم: لا يا بُنيتي، ولكن منذ كنتُ طفلة أرى أجدادي وآبائي يتخذون هذا اليوم عيداً، كنّا ننزع السواد فيه. زهراء: أجل يا أمي؛ وذلك لأنهم يستنّون بسنة أئمتنا الأطهار (عليهم السلام) الذين اتخذوا من هذا اليوم عيداً، وكانوا يعدّونه يوم عيد عظيم، بل من أفضل الأعياد المهمة، وهو يوم شريف جداً، فعن مولانا أبي الحسن العسكري (عليه السلام) قال حدثني أبي (عليه السلام): إن حذيفة بن اليمان دخل في مثل هذا اليوم – وهو التاسع من شهر ربيع الأول - على جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: فرأيت سيدي أمير المؤمنين مع ولديه الحسن والحسين (عليهم السلام) يأكلون مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يتبسم في وجوههم (عليهم السلام)، ويقول لولديه الحسن والحسين (عليهما السلام): كُلا هنيئا لكما ببركة هذا اليوم، الذي يقبض الله تعالى فيه عدوه وعدو جدّكما، ويستجيب فيه دعاء أمكما. كُلا، فإنه اليوم الذي فيه يقبل الله تعالى أعمال شيعتكما ومحبيكما. كُلا، فإنه اليوم الذي يصدق فيه قول الله تعالى: (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا)(1). كُلا، فإنه اليوم الذي تكسر فيه شوكة مبغض جدّكما. كُلا، فإنه اليوم الذي يفقد فيه فرعون أهل بيتي وظالمهم وغاصب حقّهم. كُلا، فإنه اليوم الذي يعمد الله (عزّ وجل) فيه إلى ما عملوا من عمل فيجعله هباءً منثوراً.(2) فكان هذا اليوم هو يوم فرح وسرور لأهل البيت (عليهم السلام)، وكانوا يأمرون شيعتهم ومحبيهم بإظهار علائم العيد ولبس الملابس الجديدة والتصدق. الأم: وهل لهذا اليوم أعمال خاصة نقوم بها؟ زهراء: أجل يا أمي، يُستحب في هذا اليوم إطعام الإخوان المؤمنين وأفراحهم والتّوسّع في نفقة العيال ولبس الثّياب الطّيّبة وشكر الله تعالى وعبادته وهو يوم زوال الغُموم والأحزان وهو يوم شريف جدّاً.(3) الأم: ما أروع هذه الندوة، أتمنى أن تتكرر مثل هذه المحاضرات القيّمة، والآن هل بقي شيء يا عزيزتي لم تذكريه لي؟ زهراء: نعم، إنّ هذا اليوم يكون أول يوم في عصر إمامة صاحب العصر أرواح العالمين له الفداء، وهذا مما يزيد اليوم شرفاً وفضلاً. الأم: الحمد لله والسلام عليك يا مولاي يا صاحب الزمان. ................................ (1) (النمل:52). (2) موسوعة الإمام الجواد: ج2، ص652. (3) مفاتيح الجنان: ص383.