سَفِيرُ الهُدَى

منتهى محسن محمد/ بغداد
عدد المشاهدات : 207

لطيف أن يتلقّى شخص ما ثناءً من شخص آخر، وجميل أن يرى بشائر الرضا من أحدهم لجميل خلقه، بل إنها من روائع الأمور ولطائف الحياة أن يصف البعض سموّ أخلاق الغير بالنبيلة ويدعو له بالسداد والتوفيق. حتى أن ذلك الشخص يشعر بانتعاش كبير وطمأنينة كبيرة وثقة عالية وينام مرتاح البال لا يكدّر خاطره أي هم من هموم الدنيا، ويروح في طريقه وقد غلب عقله حب الله تعالى متوجهاً إليه بكامل جوارحه الظاهرية والباطنية. فلو تلقى الثناء من مدير العمل لشعر بالفخر والاعتزاز بين زملائه ولزاد إبداعاً وإخلاصاً، ولو جاء الثناء من قبل شيخ جليل وذكر اسمه أمام جماعة المصلّين لشعر بالزهو وغاية السعادة ولدرج في طريق الصالحين المؤمنين ما بقي من عمره. فماذا لو جاء الثناء من لدن ربّ الجلالة تبارك وتعالى أو من قلب الصادق الأمين(صلى الله عليه وآله) أو من أحد الأوصياء والأولياء الصالحين فأي مشاعر ستتغلّب على العبد آنذاك وأي ملامح ستشرق من سنا وجهه المطمئنّ؟؟ هذا إذن من فضل الله تعالى ومنّه على عبده إذ يختاره لحمل نور الهداية والصلاح دون عامّة العباد، ويختصّه لتنفيذ الوعد الإلهي دون غيره، فأي كرامة قد منحها الله تعالى إلى بعض عباده الصالحين وأي سموّ قد ارتقى وأي مجد عظيم اعتلاه. في رواية معتبرة رويت في البحار أن جمعاً من وجوه الشيعة وكبارهم دخلوا على محمد بن عثمان السفير الثاني للإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف)، فقالوا له: إن حدث أمر فمن يكون مكانك؟ فقال لهم: هذا أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي القائم مقامي والسفير بينكم وبين صاحب الأمر(عليه السلام) ، والوكيل له والثقة الأمين، فارجعوا إليه في أموركم وعوّلوا عليه في مهماتكم، فبذلك أمرت وقد بلّغت.(1) هكذا بدأت الحكاية تنسج خيوطها الذهبية وهكذا راحت القصص تحكي معالم من وجوه أبطالها الصالحين حين اختارت المشيئة الإلهية تلك الأسماء المباركة لإحياء دين الله الحنيف وباركت جهودهم الحثيثة. فأي هالات ترتسم في أفق النهار لما راح التوقيع المبارك ينشر عبقه الفوّاح في دنيا الوجود ليزفّ البشارة لكلّ المؤمنين الموالين عن لسان الإمام الغائب المعصوم كما ورد ذلك في البحار عن جمع من الأخيار والثقات وهو: “نعرفه عرَّفه الله الخير كلّه ورضوانه وأسعده الله بالتوفيق، وقفنا على كتابه وهو ثقتنا بما هو عليه وانه عندنا بالمنزلة والمحل اللذين يسرانه، زاد الله في إحسانه إليه إنه ولي قدير، والحمد لله لا شريك له وصلى الله على رسوله محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً”.(2) بهذا السموّ تُختم صحائف المؤمن وبهذه المباركة يستبشر العبد مقعده من الجنة، وبهذا التوقيع المبارك الشريف تزدان حياة العبد راحة واطمئناناً، ولأجل هذه الأهداف لابدّ أن يفهرس الإنسان سنين حياته ووقفات عمره عبر تحقيق أمله المنشود في رضا الله تعالى وطاعته. فهنيئاً لمن عبّد طريقه بالصالحات من الأعمال وهنيئاً لمن باركه الله تعالى ورسوله وأهل البيت الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين في مسعاه، مسعى الحق والنور والصلاح. ................................ (1) البحار 51: 355/ ضمن حديث 6، عن كتاب الغيبة: 226. (2) البحار 51: 356/ ضمن حديث 6، عن كتاب الغيبة: 227.