رياض الزهراء العدد 89 همسات روحية
الزِّيَارَة_زيارة الرسول (صلى الله عليه وآله) للقبور
إن من أهم الأصول الاعتقادية في الإسلام هو الاعتقاد بالمعاد، وتناولها القرآن الكريم في كثير من آياته، لذا الاهتمام والتذكير المستمر بها أمر ضروري لتربية الإنسان وصيانة نفسه من الانزلاق في مهاوي الهلكة. تمثّل زيارة القبور والوقوف على مزار الأموات والاستغفار والدعاء لهم واستنزال الرحمة الإلهيّة عليهم أهم وسائل التذكير بالمعاد، حيث دورها المهم والمؤثر في تربية الإنسان وتهذيبه، وهذا يؤدّي إلى تقوية ارتباطه بعالم الملكوت عن طريق استحضاره حالة مصيره ومصير كلّ إنسان، ومن ثمّ التقليل من التعلّق بزخارف الدنيا الفانية. فقد شهدت سيرة الرسول(صلى الله عليه وآله) اهتمامه بهذا الأمر، فبالإضافة إلى ما جاء به من الأحاديث بهذا الشأن وحثّ المؤمنين عليه فقد أكدّه عمليّاً في حياته أيضاً، بوقوفه كثيراً عند قبور البقيع وموضع قبور شهداء (أحد) (رضي الله عنهم) ووقوفه عند قبر أمّه (عليها السلام) باكياً، وأكدّت ذلك الروايات العديدة التي ذكرتها كتب الفريقين من السنّة والشيعة. عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن عائشة قالت: فقدته من الليل فإذا هو بالبقيع فقال: سلام عليكم دار قوم مؤمنين وأنتم لنا فرط وإنّا بكم لاحقون اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم - تعني النبيّ -(صلى الله عليه وآله)”(1) وعن عبد الله ابن أبي فروة عن أبيه إن النبي(صلى الله عليه وآله) زار قبور الشهداء بأحد فقال: “اللهم إن عبدك ونبيك يشهد أن هؤلاء شهداء، وانه من زارهم أو سلّم عليهم إلى يوم القيامة ردّوا عليه”.(2) وعن بريده قال: “إن النبيّ(صلى الله عليه وآله) زار قبر أمّه في ألف مقنع يوم الفتح، فما رُئي باكياً أكثر من ذلك اليوم”(3)، وغير ذلك الكثير من أمثال هذه الروايات تدل على جواز زيارة القبور سواء كانت قبور الأنبياء أم الشهداء أم الأموات عموماً واستحبابها وعدم حرمتها والإكثار منها وخصوصاً قبور أهل الخير والفضل ولا ينافي أياً منها التوحيد في شيء. .............................. (1) مسند أحمد بن حنبل: ج6، ص71. (2) كنز العمال: ج10، ص382. (3) كنز العمال: ج12، ص442.