مُشكِلَةٌ وَحَلٌّ فِي ظِلِّ التَّربِيَة_الإِفرَاطُ فـِي الـمَحَبّة

فاطمة حسن
عدد المشاهدات : 201

إنّ الطفل كما يرغب في الهواء والغذاء وسائر حاجاته الطبيعية، فكذلك يرغب بصورة فطريّة في المحبّة والعطف والحنان، فعلى المربّي الاستجابة إلى تلك الرغبات بنوعيها، والعمل على إشباعها على وفق أسلوب تربوي، فيربّي الطفل بحسب السنة الخلقية والفطرية معاً. وهنا على المربّي بذل ما بوسعه من طاقة من أجل تحسين تربية الطفل، والالتفات إلى أمرين مهمّين: أولاً: متى تجب معاملة الطفل بالحنان والمحبة؟ ثانياً: المقدار اللازم منحه الطفل من المحبة والحنان، والتصرّف على ضوء تلك المعرفة. وتوجد أمثلة عديدة يمكن من خلالها معرفة الأخطاء التربوية نتيجة المحبة المفرطة، منها: مرض الطفل: إنّ الطفل يكون في موضع الرعاية والاهتمام من قبل المربّي عندما يصيبه مرض ما، وهنا على المربّي أن لا يبالغ في إظهار الاهتمام والمحبّة الزائدة أو الخوف عليه، ولا يجعل البيت مربكاً بسبب مرض الطفل، فإن ذلك له الأثر السلبي في نفس الطفل، فالمربّي العاقل الواعي يجب عليه في حالة مرض الطفل أن يعالجه بواسطة الطبيب، وينفذ أوامره وإرشاداته الطبية والعلاجيّة والغذائيّة خصوصاً، ويوحي إليه أن حالته وحالة الأسرة جميعاً تسير بصورة طبيعيّة اعتياديّة. ولو فرض أن يكون مرضه موضع قلق فلا يظهره أمام الطفل، وهذا هو التصرف الطبيعي والاعتيادي من قبل المربّي إلى الطفل حتى ينشأ طبيعيّاً سويّاً بعيد عن كلّ أنانية وغرور وفساد أخلاقي، وهذا هو المطلوب والمقصود. وإذا كان تصرّف المربّي للطفل عكس ما قلنا من إظهار الاهتمام البالغ، والخوف، وإشعاره بأن كلّ الأسرة في إنذار لأجل مرضه، فسوف تكون عليه عواقب وخيمة من هذا التصرف، ويُحكى أن شابة سليمة ادّعت المرض حتى تجلب اهتمام العائلة نحوها، وتثبت مكانتها، وكلما ازداد عمرها علمت بضعف احتمال تزوّجها، فاظلمت الدنيا في عينيها، ولم يكن هناك ما يسعدها في الحياة. وكانت لهذه البنت الشابة أم عجوز تداريها طوال عشرة أعوام، وتحمل أواني الطعام كلّ يوم على السلالم إليها إلى أن توفيت أمها، فأخذت هذه البنت المريضة بالنياحة لمدة أسابيع، فلم يكن أحد يستجيب لمطالبها، وبعد ذلك نهضت من فراش المرض، واستمرت حياتها بصورة اعتياديّة. ومن هذه القصة يظهر بوضوح أن تمارض هذه السيّدة هو لجلب اهتمام عائلتها وإثبات مكانتها، وعندما تحقّق ذلك أصابها الإعجاب بنفسها مما أدى إلى شقائها وشعورها بالضعة والحقارة في جميع أدوار حياتها، والحقيقة أن اهتمام والدتها بها لمدة عشر سنوات، وحبّها المفرط لها حطّم شخصيتها وأشقاها بدلاً من ارتقائها وإسعادها. إنّ الحب هذا بالحقيقة ظلم لها، وقد تسبب في نشوء شعورها بالحقارة والأذى، ولكن حينما توقف ذلك الحب المفرط لها، اعتمدت على نفسها واستمرت في حياتها بصورة اعتياديّة، وعليه يجب على المربّي أن يفكّر ويتدبّر في كيفيّة التعامل مع الطفل، فلا يفرط في محبته، بل يوازنها حتى لا يقع الطفل في فخ العجب بالنفس، وتكون العواقب عليه كما حدث مع هذه الفتاة.