رياض الزهراء العدد 89 عزيزة الحسين (عليه السلام)
إِحسَانٌ بِإِحسَان
كان يا مكان في عصرنا الآن، بيتٌ سعيدٌ فيه أبٌ وأمٌّ حنونان، وبنتٌ تُسمّى رقية, تبلغ من العمر أربعة أعوام، تلمع في عينيها برقةُ ذكاء، وفي صباح يوم الجمعة استيقظتْ على استعداد والدها للعمل في حديقة المنزل؛ لتدير برأسها الصغير وعينيها الصغيرتين باحثةً عن والدتها، فتجدها قد انشغلت بتحضير كعكة علم بها كلّ مَن كان في المنزل، فأسرعت بخطواتها الصغيرة لترتمي في أحضان والدتها، وتحصل على قبلة تعدّها رقية دعوة مستجابة من والدتها إلى الله(عز وجل)؛ لتطلّ بعينيها الصغيرتين على حديقة المنزل التي عمل بها والدها متسائلةً: رقية: لماذا أسميتموني بهذا الاسم؟ الأم: حباً ببنتٍ للإمام الحسين(عليه السلام) التي أردنا أن تمتلكي بعضاً من صفاتها. رقية: وما هي صفاتها؟ الأم: لها صفات كثيرة، إذ كانت طفلة مطيعة لوالدها, محبّة لعمل الإحسان والبرّ, مؤمنة مع صغر سنّها. رقية: كم أحزنتني. وفي الوقت ذاته كانت الشمس قد انتصفت في السماء، فقالت الأم: مَن سيقدّم هذا العصير البارد؟ رقية: أنتِ مَن سيقدّمه إلى والدي، فأنا صغيرة. الأم: ألا تريدين أن تكوني شبيهة بصفات السيّدة رقية؟! رقية: نعم، ولكن كيف وأنا صغيرة؟! الأم: كذلك السيّدة رقية كانت صغيرة إلا أنها تسعى دائماً إلى إرضاء والدها، وتلبّي احتياجاته في تحضير مصلّاه إذا حان وقت الصلاة؛ ولأنها طفلة مؤمنة تسير على نهج القرآن في تقديم المساعدة التي تناسب عمرها, وكانت على صغر سنّها تنصت للأذان. استعدّت الأم للخروج إلى الحديقة بكأس العصير، لتستوقف رقية والدتها قائلةً: هل لي بأن أكون مثل السيّدة رقية في إحسانها إلى والدها؟ فهي كانت تحسن إليه بتجهيز مصلّاه, وأنا أريد الإحسان إليه بتقديم كأس العصير البارد له في هذا اليوم الحار. الأم: تفضلي. وخرجت رقية إلى الحديقة تمشي بحذر، فاستقبلها والدها بكلماته: أهلاً وسهلاً بابنتي رقية, قد جاء في الوقت المناسب. رقية: شكراً يا والدي, فأنا ممتنة لكَ باختيار هذا الاسم لي. الأب: بارك الله فيك, ثم رفع الأذان للصلاة، وأسرعت رقية في تجهيز المصلّى لوالديها، وانشغلت بذكر الله؛ ليكون جزاء إحسانها نزهةً برفقة والديها.