شَهِيدُ صِفِّين
هو عمّار بن ياسر بن عامر وهو عربي النسب عنسي مذحجي قحطاني من أهل اليمن ويلقب بـ (أبي اليقظان)، كان أبوه من المتقدمين في الإيمان والصحبة تزوج سميّّة بنت خياط فولدت له عماراً وقيل انه لم تكن في إِماءِ قريش أَمَةٌ حرّةٌ مثلها في ذكاء القلب وصحّة العقل وملاحة الوجه وعفة النفس وطهارة الذيل. ولد عمار (رضي الله عنه) قبل البعثة الشريفة بأربعين عاماً تقريباً سنة 570م أو نحوها، وعندما بعث الله تعالى محمّداً برسالة الإسلام وأشرقت الأرض بنور ربها، سرعان ما استجاب ياسر وسميّة وولدهما عمّار وعبد الله لهذا النداء السماوي وروي أن عمّاراً خامس من اظهر الإسلام وقد لقي عمّار وأبوه وأمه وأخوه في سبيل الله ما لقوا من ضروب العذاب وألوان الأذى وقد قتل أبواه وأصبحوا من أول الشهداء في الإسلام. وجاء في روايات تعذيب عمار: (إنه كان يُعذَّب حتى لا يدري ما يقول)(1) وجاء في رواية أخرى: إن المشركين عذّبوا عمّاراً بالنار فكان النبيّ يَمرُ به ويُمِرُّ يده على رأسه فيقول: “(يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا)(2) على عمّار كما كنت على إبراهيم”(3)، ونزلت في عمّار بسبب هذا التعذيب عدّة آيات من القرآن الكريم منها: 1. روى أكثر من راوٍ ومحدّث: إن المشركين أخذوه وعذّبوه حتى سبّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) ثم جاءه وذكر ذلك له فانزل الله تعالى فيه: (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ).(4) 2. ونزل في عمّار وأبيه: (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً).(5) 3. وعن ابن عباس في قول الله تعالى: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ)(6) قال: عمّار بن ياسر، وغيرها وهكذا كان عمّار في بدء البعثة النبوية حينما تحدى أصنام قريش بالسبق إلى الإسلام والمبادرة إلى الإقرار بهذا الدين المنزل والرسالة الخاتمة. فكان لهذا المجاهد الكبير شأن عند الله(عز وجل) وعند رسول الله(صلى الله عليه وآله) فقد أُثِر عن النبي(صلى الله عليه وآله) في عمار من الأحاديث والتصريحات ما دلّ بصريح اللفظ على سمو شأن هذا المسلم الصادق الإيمان ومنها: قال النبيّ(صلى الله عليه وآله): “عمّار خلط الإيمان بلحمه ودمه”.(7) وهو أحد الذين تشتاق إليهم الجنة كما روي عن النبي(صلى الله عليه وآله): “ثلاثة تشتاق إليهم الجنة: علي وسلمان وعمّار”(8)، وعن النبيّ(صلى الله عليه وآله): “مُلئ عمّار إيماناً إلى أخمص قدميه”.(9) وعنه(صلى الله عليه وآله): “عمّار تقتله الفئة الباغية” وغيرها.(10) كما أن عمّاراً امتاز بالشجاعة والسخاء والصبر والحلم والورع وثباته على الدين ويكفي في شجاعته أنه اشترك في حروب رسول الله(صلى الله عليه وآله) وعرض نفسه للمهالك ولم يعرف عنه أنه أدبر في حرب من تلك الحروب، ففي حرب الردّة كان يشجّع الناس ويحرضّهم على القتال، قال عبد الله بن عمر: رأيت عمّار بن ياسر يوم اليمامة على صخرة وقد اشرف يصيح: يا معشر المسلمين، أمن الجنة تفرون؟ أنا عمّار بن ياسر هلمّوا إليّ.. وأنا انظر إلى أذنه قد تقطعت فهي تذبذب وهو يقاتل أشد القتال.(11) وشارك في معارك كثيرة منها: معركة الجمل وتبوك وصفين التي استشهد فيها والتي كان يمثل فيها قطباً من أقطاب تلك الحرب الرهيبة، كما كان عمار بن ياسر أحد المهاجرين الفارين بدينهم مع المسلمين الذين هاجروا من مكة إلى الحبشة. استشهاده: استشهد عمار (رضي الله عنه) في معركة صفين على يد أبي الغادية الجهني وكان ذلك في عام 37هـ ودفن في موضع استشهاده. .................................. (1) من المؤمنين رجال: ج2، ص72. (2) (الأنبياء:69). (3) من المؤمنين رجال: ج2، ص72. (4) (النحل: 106). (5) (آل عمران:28). (6) (الأنعام:122). (7) من المؤمنين رجال: ج2، ص86. (8) من المؤمنين رجال: ج2، ص86. (9) من المؤمنين رجال: ج2، ص85. (10) من المؤمنين رجال: ج2، ص87. (11) موسوعة عظماء الشيعة: ج4، ص61.