مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ (رضي الله عنه)

منى سعد
عدد المشاهدات : 202

وهو رجل جليل القدر عظيم المنزلة ومن خواص أمير المؤمنين(عليه السلام) أمه أسماء بنت عميس كانت زوجة لجعفر بن أبي طالب(عليه السلام) وهاجرت معه إلى الحبشة وهناك وُلد عبد الله ثم قُتل يوم مؤتة ثم تزوجها أبو بكر فأولدها محمداً ثم مات عنها فتزوجها الإمام علي(عليه السلام) فكان محمد ربيبه وجارياً عنده مجرى أولاده ورضع الولاء والتشيع منذ زمن الصبا وقال الإمام علي(عليه السلام) : “محمد ابني من صلب أبي بكر”(1) ومن أولاده القاسم كان فقيه المدينة وأنجب القاسم عبد الرحمن وأم فروة تزوجها الإمام الباقر(عليه السلام) فأنجبت الإمام الصادق(عليه السلام) . شهد محمد وقعتي الجمل وصفين وبعد صفين عينه الإمام علي(عليه السلام) والياً على مصر وأوصاه عدّة وصايا منها: (اعلم يا محمد أني قد وليتك أعظم أجنادي في نفسي أهل مصر، فأنت محقوق أن تخالف نفسك) أي بمعنى أنت مطالب بحق بمخالفتك شهوة نفسك (وأن تدافع عن دينك ولو لم يكن لك إلا ساعة من الدهر ولا تسخط الله برضا أحد من خلقه فإن في الله خلقاً في غيره) بمعنى أن فقدت مخلوقاً ففي فضل الله عوض عنه (وليس من الله خلف في غيره) بمعنى ليسعى في خلق الله عوض عن الله.(2) وفي سنة ثمان وثلاثين للهجرة بعث معاوية بعمرو بن العاص ومعاوية بن خديج في جيش كبير إلى مصر جمعوا جموعهم لقتال محمد بن أبي بكر وأخذوه أسيراً ثم ضربه معاوية بن خديج فقطع رأسه وهو ظامئ وادخل جثته في جوف حمار واحرقوه بالنار وكان ابن ثمان وعشرين سنة. ومن كلام أمير المؤمنين(عليه السلام) : (وقد أردت توليه مصر هاشم بن عتبة ولو وليته إياها لما خلى لهم العرصة ولا انهزهم الفرصة).(3) فلو كان هاشم بن عتبة لم يفد إلى العرصة وهي المساحة الواسعة بين الدور ولم يجعل لهم مجالاً للغلبة ففر محمد ظن أنه ينجو بنفسه فأدركوه وقتلوه. (بلا ذم لمحمد بن أبي بكر) فلا يتوهم السامع أن الإمام(عليه السلام) يمدح هاشماً ويذم محمداً: (فلقد كان إليّ حبيباً وكان لي ربيباً).(4) فحزن عليه حزناً شديداً فكتب إلى ابن عباس ينعاه: (أمّا بعد فإن مصر قد افتتحت ومحمد بن أبي بكر - رحمه الله - قد استشهد. فعند الله نحتسبه ولداً ناصحاً وعاملاً كادحاً وسيفاً قاطعاً وركناً دافعاً. وقد كنت حثثت الناس على لحاقه وأمرتهم بغياثه قبل الوقعة، ودعوتهم سراً وجهراً وعوداً وبدءاً، فمنهم الآتي كارهاً، ومنهم المعتل كاذباً، ومنهم القاعد خاذلاً، أسأل الله تعالى أن يجعل لي منهم فرجاً عاجلاً، فو الله لولا طمعي عند لقائي عدوي في الشهادة وتوطيني نفسي على المنية لأحببت أن لا أبقى مع هؤلاء يوماً واحداً ولا ألتقي بهم أبداً).(5) ................................ (1) منتهى الآمال: ج1، ص296. (2) نهج البلاغة: ص517. (3) نهج البلاغة: ص144. (4) نهج البلاغة: ص174. (5) نهج البلاغة: ص636.