أَنِينُ الزَّهرَاءِ (عليها السلام)

لوية الفتلاوي
عدد المشاهدات : 176

هي الفيحاء في غير الزمان.. هي النور في دياجي الظلام.. هي العصماء على تواتر الأيام.. هي الطهر والقداسة وأمّ الأطهار.. ونور تجلى للوجود باسم الحوراء.. هي سرّ الوجود وعليها دارت القرون الأولى.. وأمّ الأطهار وأمّ أبيها.. تُرى مرة فرحة مستبشرة ومرة باكية حزينة وممّ البكاء يا بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله).. تقول اخبرني أبي أني أول اللاحقين به وبشرني بالجنة ففرحت وحزنت لأنه سيرحل عنّا.. فقلت أبيض يستقي الغمام بوجهه قال بل قولي: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ..)/ (آل عمران:144). نعم، انقلبوا على أعقابهم وتلطخت أيدي سوداء مثل قلوبهم بقتله بعد رفضهم أن يأتوا بالدواة والقلم ليكتب كتاباً لن تضل الأمة بعده ما إن تتمسك بكتاب الله(عز وجل) وعترته الأطهار(عليهم السلام)فارتدوا ناكثين كلّ ما جاء بهم متآمرين لوضع أساس دولة أسست على النفاق والكذب والتضليل. ويعلن الكون حداده تضامناً مع الزهراء (عليها السلام) التي تنفرد ببيت الأحزان ذارفة دموع الحزن والأسى على من كانت هي بضعته وروحه التي بين جنبيه إنه خطب مفجع قد أعلنت بعده حزناً لن ينتهي ونقول: حقيق على من شم تربة أحمد أن لا يشم مدى الزمان غواليا صبت عليّ مصائب لو أنها صبت على الأيام صرن لياليا قد رحل المصطفى(صلى الله عليه وآله) تاركاً لنا أثراً كبيراً وثروة نضاحة من العلم والأدب يفوح شذا عطرها على أفواه عترته النجباء وستبقى تلك الثروة تنبع بالعطاء رغم أنوف الطغاة. وبعد رحيلها تلتهب المهج نيراناً وحزناً على فقد الأحبة وها هو قلبها قد احرق وجفنها قد أقرح بسمِّ فلذة كبدها الحسن المجتبى(عليه السلام) وتزايدت الآلام بعد أن منع من الدفن مع جدّه وفي ظلمة الليل الحالكة ووحشة المكان يتوهج ضياء أملاك السماء وهي تحيط قبره ببقيع الغرقد إذ يفوح منه شذى الجنان. وتلتحم القلوب المفجوعة بالمصائب وتتوالى الأناة الواحدة بعد الأخرى فالأم ترثي أباها وهي أمّ أبيها، والبنت ترثي أخاها وهي عنوان الطهر والقداسة من رأت واقعة الطف ورأت بأمّ عينيها ذبح أخيها الحسين المظلوم(عليه السلام) ، فرعت أيتامه بقلب صبور وهزّت عروش الطغاة بخطبتها في مجلس يزيد الطاغية، ذات العقل الراجح والصوت الصادح والقلب الناصع فهي شبيهة أخيها الحسين(عليه السلام) في رفضه للضيم والذل وعدم رضوخه ليزيد وبتلك المعنويات العالية والروح السامية قد حافظت على العيال والقيم وعلى القضية الحسينية لتتسامى من اسر الضغوطات لتحلق في أجواء السماء الإلهية. وها هي سامراء على الرغم من آلامها والجراح تقف متكاتفة مع اسود العراق ممّن لبوا نداء المرجعية وانضموا للانخراط والدفاع عن المقدسات في صفوف كأنهم بنيان مرصوص ترفع الصوت عالياً لبيك يا حسين.. لبيك يا حسين..