رياض الزهراء العدد 88 نور الأحكام
الامتِيَازُ الإِلَهِيّ للتُّربَةِ الحُسَيْنِيَّة
لقد امتاز سبط الرسول (صلى الله عليه وآله)وريحانته الإمام الحسين(عليه السلام)بمميزات كثيرة، منها: أن جُعل الشفاء في تربته، والأئمة من ذريته، والدعاء مُستجاب تحت قبته، ولاشك أن الكلام عن الامتياز الإلهي للتربة الحسينية له بداية وليس له نهاية؛ لارتباطه بالعطاء والكرم الإلهي اللذين حباهما المولى تعالى للإمام الشهيد العطشان. فعن أبي الحسن موسى بن جعفر(عليه السلام)أنه قال: “لا يستغني شيعتنا عن أربع : خُمرة(1) يصلي عليها، وخاتم يتختم به، وسواك يستاك به، وسبحة من طين قبر أبي عبد الله (عليه السلام)”.(2) وقد كان عند الإمام الصادق(عليه السلام)خريطة من ديباج صفراء فيها من تربة أبي عبد الله (عليه السلام)، فكان إذا حضرته الصلاة صبّه على سجادته وسجد عليه، وقال (عليه السلام): “إنّ السجود على تربة أبي عبد الله(عليه السلام)يخرق الحجب السبع”.(3) قال الصادق (عليه السلام): “السجود على طين قبر الحسين(عليه السلام)ينوّر إلى الأرضين السبع، ومَن كانت معه سبحة من طين قبر الحسين(عليه السلام)كتب مُسبّحاً وإن لم يُسبّح بها”.(4) بل إن الروايات الكثيرة تدلّ على أن الإمام الصادق(عليه السلام)كان لا يسجد إلا على تربة الإمام الحسين(عليه السلام)تذللاً لله.(5) ونحن علاوةً على اقتدائنا بأئمتنا (عليهم السلام) إنما نسجد على هذه التربة الطيبة مستذكرين مصيبة الإمام الحسين(عليه السلام)وما جرى عليه وعلى أهل بيته (عليهم السلام)؛ ليبقى رمز الشهادة والإباء والعزة والكرامة ماثلاً أمام أعيننا، فكلّ ذرّة من هذه التربة الطاهرة إنما هي معجزة، ولا عجب ولمدة ليست بالبعيدة أن تتحوّل تلك التربة الطاهرة إلى دم يفور؛ ليخطّ في صفحات التاريخ كلمات الخلود، ويرسم طفّاً جديداً في كلّ زمان، مجسّداً ذلك الصوت الهادر: “وإني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برماً”.(6) ................................... (1) الخُمرة: وهو حصير صغير قدر ما يسجد عليه ينسج من السَّعَفِ./ لسان العرب: ج4، ص254. (2) وسائل الشيعة: ج3، ص603. (3) وسائل الشيعة: ج3، ص608. (4) وسائل الشيعة: ج5، ص395. (5) وسائل الشيعة: ج5، ص369. (6) بحار الأنوار: ج44، ص192.