كُشِفَ لَهُم الغِطَاء

سارة الميرزا مهدي
عدد المشاهدات : 257

عن جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه، قال: قلت له – أي لأبي عبد الله(عليه السلام)- أخبرني عن أصحاب الحسين(عليه السلام)وإقدامهم على الموت، فقال (عليه السلام): “إنهم كُشِفَ لهم الغِطاء حتى رأوا منازلهم من الجنة..”.(1) لقد قال الإمام الصادق (عليه السلام)وهو الخبير بأحوال النفوس والقلوب، وأحوال جدّه الحسين (عليه السلام): “إنهم كُشف لهم الغطاء” وكان هذا الكشف في دار الدنيا، وكان في ليلة العاشر عندما استخبر الإمام(عليه السلام)أصحابه، وثبتوا على نصرته، فأُعطوا هذه المزيّة حتى رأوا منازلهم في الجنة، وربّ العالمين لا يعطي هذه المزيّة من كشف الحجب، وهذه الرؤية البرزخية إلا بعد أن يجتاز الإنسان كلّ المراحل الابتلائية العظيمة. ورُوي عن الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين(عليه السلام)أنه قال: كنتُ مع أبي الليلة التي قُتل صبيحتها، فقال لأصحابه: هذا الليل فاتخذوه جملاً، فإن القوم إنما يريدونني، ولو قتلوني لم يلتفتوا إليكم، وأنتم في حلّ وسعة. فقالوا: لا والله، لا يكون هذا أبداً. قال: إنكم تُقتلون غداً كذلك، لا يفلت منكم رجل. قالوا: الحمد لله الذي شرّفنا بالقتل معك. ثم دعا، وقال لهم: ارفعوا رؤوسكم وانظروا. فجعلوا ينظرون إلى مواضعهم ومنازلهم من الجنة، وهو يقول لهم: هذا منزلك يا فلان، وهذا قصرك يا فلان، وهذه درجتك يا فلان..، فكان الرجل يستقبل الرماح والسيوف بصدره ووجهه؛ ليصل إلى منزله من الجنة.(2) وعلى رأس الشهداء أبو الفضل العباس (عليه السلام)، يقول الإمام زين العابدين (عليه السلام): “رحم اللّه عمّي العبّاس بن علي، فلقد آثر وأبلى، وفدى أخاه بنفسه حتّى قُطعت يداه، فأبدله اللّه عزّ وجلّ جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنّة، كما جعل لجعفر بن أبي طالب، إنّ للعبّاس عند اللّه تبارك وتعالى منزلة يغبطه عليها جميع الشهداء يوم القيامة”.(3) هذه الشهادة السجاديّة، والوسام الذي علّقه الإمام(عليه السلام)على صدر عمّه العباس (عليه السلام)، بسبب مواساة أبي الفضل العباس(عليه السلام)في رفضه شرب الماء قبل الإمام الحسين (عليه السلام)، وهذا موقف لا يُنسى في السماء، فملائكة العرش سجّلت هذا الموقف البطولي لقمر العشيرة. ............................ (1) علل الشرائع: ج1, ص310. (2) كلمات الإمام الحسين (عليه السلام): ج1, ص394. (3) بحار الأنوار: ج44, ص298