السُّجُودُ عَلَى التُّربَةِ الحُسَينِيَّة

كفاية أحمد الموسوي/ معهد المعلمات
عدد المشاهدات : 135

في بداية بحثنا علينا أن نسأل: ما الذي دعا النبي (صلى الله عليه وآله)إلى أن يبكي على ولده الحسين السبط (عليه السلام)، ويُقيم كلّ تلكم المآتم، ويأخذ تربة كربلاء ويشمّها ويقبّلها؟ وما الذي جعل السيّدة أمّ سلمة أمّ المؤمنين (رضي الله عنها) تصرّ تربة كربلاء على ثيابها؟ وما الذي جعل علياً أمير المؤمنين(عليه السلام)يأخذ قبضة من تربة كربلاء لمّا حلّ بها؟ فيشمّها ويبكي حتى يبلّ الأرض بدموعه، ليتّضح لدينا سرّ فضيلة كربلاء المقدسة، ومبلغ انتسابها إلى الله تعالى, ومدى حرمتها وحرمة صاحبها دنوّاً واقتراباً من العلي الأعلى, فما ظنّك بحرمة تربة هي مثوى قتيل الله، وقائد جنده الأكبر المتفاني دونه, هي مثوى حبيبه وابن حبيبه والداعي إليه, والدال عليه, والناهض له, والباذل دون سبيله أهله ونفسه ونفيسه, والواضع دم مهجته في كفّه إعلاءً لكلمته, ونشر توحيده، وتحكيم معالمه، وتوطيد طريقه وسبيله. كيف لا يديم ذكره في أرضه وسمائه, وقد أخذت محبّة الله بمجامع قلبه؟ أليس أليق بأسرار السجدة على الأرض السجود على تربة فيها سرّ المنعة والعظمة والكبرياء والجلال لله جلّ وعلا, ورموز العبودية، والتصاغر دون الله بأحلى مظاهرها، زيادةً على ذلك كلّه ما ورد عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) من الاهتمام بهذه التربة الطيبة الزاكية في النصوص الصحيحة الكثيرة في التبرك بها وتقبيلها وتفضيل السجود عليها؛ لذا لم تقتصر التربة الحسينيّة من حيث المفضلات وحدها, بل اتخذت رمزاً آخر لقضيّة كبيرة في الإسلام ذات أبعاد عقائديّة وتربويّة، تستمد قيمتها من نهضة الإمام الحسين(عليه السلام)وخلودها.