قِيَمُ الأجدَادِ هَلْ أضَاعَهَا الأحفَادُ بفَيروس التّقَنيّة الحَدِيثَة؟
حين تجفّ ينابيع العلاقات الإنسانية، وتخلو من الترابط نشعر بالضيق، وتعصف بنا الحياة؛ لأن التواصل هو الوطن الصغير الذي نحمله معنا أينما ذهبنا، فشباب مهووس بهذه الطفرة المعلوماتية حقيقة تؤكدها الأرقام، وآراء الشباب وحكاياتهم مع هذه الوسيلة، لكن ما هي الأسرار لهذا الهوس؟ وهل يمكن أن يتحول إلى إدمان؟ وما الإيجابيات والسلبيات؟ علامات استفهام كثيرة تطرحها (الرياض) للبحث عن إجابات صريحة. شهادات حيّة لمستخدمي التقنيات الحديثة في العراق استعمال بذكاء واحترام: بيّن (سامر الحسيني) مصور فوتوغرافي في العتبة العباسية المقدسة: إن الأجهزة الذكية وبرامجها التواصلية (الفيس بوك) زاد من اتساع رقعة التواصل المعلوماتي بين الأفراد في أرجاء المعمورة، وعلى أثره تنوعت الثقافات وازداد أسلوب الرقيّ والتقدّم بالاستفادة من خبرة الآخرين، وخاصة ما كان منها يعبّر عن فلسفة إسلامية أصيلة، وعلى سبيل المثال لا الحصر المناسبات الدينية لأهل البيت(عليهم السلام)، التي من خلال هذه الطفرة المعلوماتية أزالت كلّ ما هو مبهم، ورفعت ستار الضبابية أمام مَن لا يعرف عن أهل البيت (عليهم السلام) شيئاً، وأجد أن هذا الجانب بات موسوعة لقيم الأجداد. أمّا (الفيس بوك) فقد خلق حالة من سرعة التواصل في المعلومات والصور التي تقرّب من كان بعيداً، فبذلك يكون خدمة لأهل البيت (عليهم السلام)، وتعريفاً بالمؤسسات الرصينة التي تتبنى الفكر الملتزم، فيمكن استغلال (الفيس بوك أو الانترنت) الاستغلال الأمثل، وأعدّه بمثابة نافذة حديثة مشجعة لكلّ المبدعين. طفرات معلوماتية تؤدي إلى تغيير في مجرى حياتي: (مرتجى جلوخان) طالب جامعي في قسم علوم الحاسبات بيّن: أنّ المردود الإيجابي لهذه الطفرة المعلوماتية ما هو إلا منبر للحوارية والنقاش؛ لإزالة الضبابية عن المعلومات التي لم يُتفقّه بها عن أهل البيت(عليهم السلام)، هذا بالنسبة إلى الملتقي أمّا على الصعيد الشخصي فكثرة النقاشات جعلت منّي محباً للقراءة، والبحث والتنقيب عن الإجابات المقنعة، وغيّرت مجرى حياتي العملي في اقتناء العديد من الكتب، وأنها نافذة لاختيار الهوايات، فمن خلاله استطعت الولوج في عالم التصوير والاستفادة من بعض المواقع، أمّا صفحة (الفيس بوك) لم تتعدّ السبب الذي انبهر به العالمان الغربي والعربي في الإعراب عن الرأي، وتصحيح المعلومات المغلوطة وأخص بها (النقاشات العقائدية) ودليل للأصدقاء للتعرف على المواقع المفيدة والمهمة لبعض الاختصاصات. أمّا قيم الأجداد باقية فهي هويتنا، أمّا سلبيات البرامج التواصلية بأن لغة الحوار قلّت ولم تندر، وهذا يقع على عاتق الأهل، ومدى تأثر الأبناء بنسيج الأسرة ودعائمها المتمثلة بـ (الأب والأم). ضحايا الانترنت: (جميل مرتضى، رب اسرة/ كاسب بيّن: أن دخول الانترنت إلى كثير من الأسر أثر تأثيراً سلبياً في الوضع الداخلي للأسرة، فأصبح التواصل عبر الشبكة حتى بين أفراد البيت الواحد، وبذلك يدخل الصمت بدلَ الحوار، وتكون بذلك مؤشراً خطيراً، فلغة الحوار أهم الروابط الزوجية، وانعدام لغة الحوار يؤثر تأثيراً سلبياً في الأطفال في عدم مقدرتهم على إيجاد حلول عقلانية، ولو حتى البسيطة منها، وفي رأيي وخاصةً من جانب الحوارية نجد أن لغة الحوار كانت معدومة في زمن الأجداد، والآن في زمن الثورة المعلوماتية هي كذلك معدومة، فتؤثر سلباً في التربية والتنشئة؛ لأن المتكلم في كلا الحالتين واحد، فلا تتولد أفكاراً جديدة، فبدلاً من أن نلد بناة للمجتمع، نلد ضحايا للمجتمع. ولمستخدماته في لبنان: عالمٌ خيالي ريما فرحات/ ماجستير في الاقتصاد والتداولات المالية، تقول: إن الأجهزة الذكية ذات قيمة وفائدة إذا استُخدمت بالطريق الصحيح، والهدف المحدّد، فقد أوصلتني إلى معلومات كنتُ أجهلها في التقدّم بالعمل، وخاصة أتحدّث عن (الفيس بوك) الذي منح لي فرصة التعرف على ذوي الاختصاص في المجال الذي أعمل فيه، فالخبرة واكتساب اللغة هي مفاتيح النجاح أو المردود الذي اكتسبته من هذه الطفرة المعلوماتية، ولابدّ على الإنسان من أن يخصص له هدفاً معيناً؛ لأن الانسياق من دون هدف يوصلنا إلى الاستخدام السلبي، فهو بمثابة عالم من الخيال علمياً؛ لا ننسى بأن هذه الثورة المعلوماتية أضاعت جزءاً من قيم الأجداد ومنها التواصل، لكن يوجد لدينا السلاح وهو أخلاق أهل البيت(عليهم السلام)، فلابدّ من أن يكون هناك فصل بين الحياة والعمل. (موضة) مؤقتة: ميساء شعيتو/ مديرة الحسابات في مستشفى الزهراء(عليها السلام) ، بيّنت: أن الأجهزة الذكية بالفعل اقتحمت الحياة الاجتماعية، وأثرت في العلاقات الاجتماعية لمَن أراد صلة الرحم في إرسال المعلومات التي تكون بمثابة تذكرة للفرد في محاسبة نفسه، وإرسالها هذا جميعه يعود بالفائدة على الرقي الديني والفكري، ودائماً وأبداً ميزان التكافؤ يعود على الشخص ذاته في اختيار الأصدقاء سواءً المُرسِلين أو المتلقين، أمّا (الفيس بوك) الذي يُستخدم الآن ما هو إلاّ (موضة) مؤقتة تزول عندما يجد الإنسان اختراعاً جديداً.. وسيلة ممتعة ندى زهر الدين موظفة، تقول: أنا لا أشترك في خدمة الانترنت في المنزل، فقط أكتفي بالتردد إلى مقهى مخصص للسيدات للتواصل مع صديقات معيّنات اللّواتي تكون المسافة بعيدة بيني وبينهم، فهو خدمة تختصر المسافات وتلمّ العائلة والأصدقاء الذين بددتّهم الغربة، وأكتفي بالقول إنه وسيلة ممتعة للتواصل شرط أن لا يؤثر في العلاقات الاجتماعية، واختيار الأصدقاء المناسبين. (الفيس بوك) في ميزان التنمية البشرية: الفراغ والبطالة وتقاليد الغرب وراء انتشاره بيّنت الدكتورة نوال النمر عبر الشبكة العنكبوتية: أن الأجهزة الحديثة التي تُعرف بـ (الذكية) سلاحٌ ذو حدّين، فالعلمُ في تطور، وهذا التطور لابدّ له من أدوات تساعد على نشره، فكان الانترنت هو الأداة ليشمله صفحات التواصل من (الفيس بوك)، ولأن الإنسان لديه دائما حب استطلاع وتحديداً مع الجديد وغير المألوف، فـ (الفيس بوك) يؤثر تأثيراً إيجابياً في حال إذا ما كان الزائر مثقفاً قادراً على استخلاص الفائدة فإذا رجعنا إلى مؤسس صفحة (الفيس بوك) نجد أنّ مخترعه باختراعه هذا أراد إيصال أفكار إلى أساتذته لينشئ حلقة تواصلية بينهم هذا من الجانب العملي، أمّا من الجانب الاقتصادي فكان بمثابة فكرة تنموية ومثال يُحتذى به لملء الفراغ الذي يعيشه الشاب العربي في تقويم وقتهِ، فلماذا لم يعمد الشاب العربي على الاستفادة من الجانب الإبداعي التنموي في التزوّد من المعلومات، وهذا لا ينكر في الساحة العربية. أمّا السبب الثاني هو إخطبوط البطالة، فالشاب العربي لم يجد مهداً للعمل يتربع فيه من شرطي الفقر الذي يلاحقه. نصائح نفسية ينصح الخبراء النّفسييون بأن يكون الوقت الذي يمكن للصغير (خمس سنوات أو أقل) أن يقضيه في خضم هذه الثورة المعلوماتية نصف ساعة أسبوعياً، شريطة أن يقابله خمسة أضعاف هذا الوقت مع الأهل، أي ما يقارب (150 دقيقة)، ليتعلّم كيفية التفاعل والتعامل مع الغير، ولإحداث التوازن في التفكير بين الخيال والواقع؛ ولإعطائه فرصة للتواصل. رأي الدين حديث الكساء وقصور الجنة ينصح أهل البيت(عليهم السلام) من خلال حديث الكساء بالاجتماع ولغة الحوار، وهي التي تولّد أسلوباً راقياَ في التواصل، ليتبعه رأي السيدة (رجاء علي) من قسم التوجيه الديني النسوي في العتبة العباسية المقدسة. قائلة: قال أمير المؤمنين(عليه السلام): "مَن تساوى يوماهُ فهو مغبون"، فالمتبحر في كلام أمير المؤمنين(عليه السلام) يجد أن ساعات العمر التي تذهب لن تعود؛ لأنها في الآخرة هي رأس ماله التي وُهبت له ليتاجر بها ويشتري قصور الجنة وأنهارها، فإذا سُخِرّت بما فيه نفعٌ وفائدة في التطور والمعرفة يكون خير استثمار. العُزلة هي سيئة من سيئات الاستخدام الخاطئ لـ (الأجهزة الذكية)؛ لأنها همزة وصل تتخذ من شكل الاتصال المباشر والإنساني، لكننا نحن مَن لم يعطِ لهذا الابتكار جدواه واستخداماته الصحيحة داخل إطار الشاشة.