رياض الزهراء العدد 88 كيف تكونين مثلها؟
كُتُبٌ عَبَقَتْ بِعِطرِ العِتْرَةِ الطَّاهِرَة
قال الله (سبحانه وتعالى):(قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى )/ (الشورى:23)، إنّ أقل ما يمكن أن يؤدي حق العترة الطاهرة هو المحيا والممات على حبّهم وموالاتهم، والتبرؤ من أعدائهم، هذا الحب تترجمه وسائل عدة منها: مديحهم ورثاؤهم، يقول الإمام الصادق (عليه السلام): “مَن قال فينا بيت شعر بنى الله تعالى له بيتاً في الجنة”(1), وعلى الرغم من كلّ ما كُتب وقيل إلا أنه لم يوفِ حلقة واحدة من حلقات مواقف هذه العترة الطاهرة ومبادئها. أبدع الكثير في مجال الكتابة عن سيرة أهل البيت (عليهم السلام) من كلا الجنسين، ولكن ما شهدته الساحة العربية في السنوات الأخيرة من نتاجات إبداعية للمرأة يؤكد حضورها القويّ ويرسم حدود إبداعها، فبرزت في نواحي عدة، منها الكتابة والتأليف وصناعة الفكر الهادف، وهناك من النساء مَن قمنَ بالكتابة عن أهل البيت (عليهم السلام) على الرغم من ما يحيط بهنّ من ظروف، وصدحت أصواتهنّ في مديحهم رغم البعد والتكتم، فكنّ شموعاً أضاءت في دروبهم. وكان لمجلة رياض الزهراء(عليها السلام) شرف اللقاء بإحدى النساء اللاتي أبدعنَ في هذا المضمار، وهي الأخت فاطمة عبد الله الجعفر (أم وسام) من دولة الكويت الشقيقة/ مدرّسة وخطيبة منبر، من عائلة تحب العلم إذ كان والدها يشجّعها على القراءة منذ الطفولة, وهي أمّ لخمسة أولاد، لديها 60 مؤلفاً تضمن سيرة أهل البيت (عليهم السلام) وبعض الأولياء، تستخدم الأسلوب القصصي السلس الذي يخدم الصغير والكبير وكان اللقاء في سياق الحوار الآتي: كيف جاءت فكرة التأليف والكتابة، ومتى انطلقت؟ قبل أن أدخل هذا المجال وبطبيعة عملي كنت أعطي محاضرات (أحكام شرعية، ودروس دينية، وخطابة) لمدة عشرين سنة، أُوضّح من خلالها أنه لا يكفي البكاء والنعي على أهل البيت (عليهم السلام)، بل يجب نشر مبادئهم وثقافتهم، وكنت أحضّر المحاضرات بهذا الخصوص، ثم قمت بعمل هذه المحاضرات على شكل كتاب ليتسنى لباقي الخطيبات الاستفادة منها في مجالسهنّ؛ لأن الشيعة محتاجون إلى التعرف أكثر على هذه الثقافة مثلاً: (أخلاقهم, سلوكهم, معاملاتهم... إلخ)، من هذا الباب جاء الحافز ليستنهض في نفسي موضوع تأليف الكتب، بعدها وقبل ثماني سنوات أُصبتُ بمرض التهاب الرئة، ولم أستطع الخروج، فابتعدت عن الناس وانتهزت الفرصة في عمل متحف عن السيدة الزهراء(عليها السلام)، بعمل لوحات (ديكو باج)، وهو فنّ صيني قديم يعتمد على القص واللصق والألوان، وهذه اللوحات تحكي عن كلّ جزء من حياتها(عليها السلام)، فكان الناس يزورونني ويطّلعون على المتحف، وقد نال إعجابهم، فقمت بتصويره وبعدها تُرجم ككتاب. أعجبتني الفكرة وقمت بعدها بتأليف الكتب تباعاً. ما أسماء الكتب التي قمتِ بتأليفها؟ أول كتاب كان باسم (تجلّيات فاطمية) يتألف من خمسة أقسام: (الخصائص الفاطمية)، و(فاطمة في القرآن)، و(يسألونك عن الفاجعة الفاطمية)، و(إلهي بحقّ فاطمة), و(مصحف فاطمة)، استمر العمل فيه 4 سنوات، وهو يحكي عن حياة الزهراء(عليها السلام)، وبعد إكمالي له قمت بإهداء نسخة منه إلى العتبة الحسينية المقدسة، وبعدها كتاب عن (السيدة نفيسة(عليها السلام))، وألقيت محاضرة عن العبد الصالح (الخضر (عليه السلام)) نالت إعجاب الكثيرين، فطلبوا منّي أن أقوم بتأليف كتاباً عنه، وبالفعل قمتُ بذلك، وألفت كتاباً عن سبع الدجيل، بعدها كتبتُ عن الأئمة الواحد بعد الآخر، وكتاباً عن (دحو الأرض), وكتاب (أمّ البنين مثل أعلى للمؤمنين)، و(أمّ البنين وانتظار الفرج), وكتاب (أين الرجبيّون؟), وكتاب (طوبى للشعبانيين), وهناك كتاب عن شهر رمضان، وكتابان عن الإمام الحسن (عليه السلام). ما هي مشاريعكِ مستقبلية؟ الآن لدي كتاب باسم (العرش الفاطمي) ما يزال يُصحّح لحين رجوعي. ما هي أمنياتكِ؟ أتمنى أن لا نغفل عن ديننا، وبودي أن تكثر نشاطات الداعيات للإسلام على نهج أهل البيت (عليهم السلام). بعد أن كانت الكلمات تطرق باب المرأة، وهي وراء قضبان العادات والتقاليد، أصبحت تصدر كلماتها لطرق أبواب الآخرين، واستطاعت أن تساوي الرجل في الإبداع بأسلوبها الجميل الرائع. ................. (1) وسائل الشيعة: ج14, ص579