الرَّبابُ بِنتُ امْرِئ القَيسِ الكِلابِيَّة

المؤرخ/ سعيد رشيد زميزم
عدد المشاهدات : 965

هي السيدة الفاضلة الرّباب بنت امرئ القيس بن عديّ بن آوس بن جابر بن كعب بن عليم الكلابية. كانت من خيار النساء وأفضلهنّ في العبادة والزهد والتقوى، عُرفت أسرتها بفصاحة اللسان والحكمة ونظم الشعر، كان والدها وأعمامها من وجوه الجزيرة العربية، وكان لهم معرفة خاصة في أنساب العرب. وعلى أثر السمعة الطيّبة التي كانت تتصف بها أسرتها تقدّم الإمام الحسين(عليه السلام)لخطبتها، وما إن طلب الإمام(عليه السلام)يدها حتى وافقت أسرتها على ذلك، بل إنها تشرّفت بأن تقترن برجل عظيم كالإمام الحسين (عليه السلام). بعد زواجها من الإمام(عليه السلام)ولدت له السّيّدة سكينة(عليها السلام)، وعبد الله(عليه السلام)الذي استُشهد في اليوم العاشر من محرم. وبعد قرار الإمام الحسين(عليه السلام)بالتوجّه إلى العراق رافقته السّيّدة الرباب (رضي الله عنها)، وكانت قريبة منه طوال مدة مكوثه في كربلاء. عاشت هذه السّيّدة الجليلة مع الإمام(عليه السلام)مآسي معركة الطف، وما تبعها من محن وآلام إلا أنها كانت ذات عزيمة ثابتة، وإيمان أصيل، وكيف لا تكون هكذا وهي زوجة ذلك الرجل الفذ الذي تحدّى طواغيت عصره بتلك الوقفة الشجاعة التي أذهلت خصوم أهل البيت (عليهم السلام). بعد انتهاء معركة الطف أُخذت السّيّدة الرباب (رضي الله عنها)أسيرة مع سبايا الإمام الحسين(عليه السلام)وأصحابه الكرام إلى الكوفة. وبعد مضي عدة أيام قضتها في مدينة الكوفة غادرت مع سبايا أهل البيت (عليهم السلام) متوجّهة إلى الشام تحت إمرة مجموعة من أزلام بني أمية المارقين. في دمشق تعرّض الركب الحسينيّ الخالد إلى الشتم والسبّ والضرب، فكان نصيب السيّدة الرباب (رضي الله عنها) كثيراً من هذه الاعتداءات الجائرة. بعد رجوعها إلى المدينة المنورة لم تمضِ عدة شهور حتى بادر لخطبتها العديد من أشراف المدينة المنورة وأثريائها فامتنعت، وبعد إلحاح كبير من قبل هؤلاء ردّت عليهم بذلك الجواب الرائع الذي ينمّ عن مدى حبها ووفائها للإمام الحسين(عليه السلام)قائلة: (لا يكون لي حمو بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)). لم تبقَ السيّدة الرباب (رضي الله عنها) في المدينة المنورة سوى بضعة شهور حتى عادت إلى العراق متوجّهة إلى قبر الإمام الحسين (عليه السلام)، حيث أقامت عليه سنة كاملة تبكيه وترثيه، كما ذكر ذلك العديد من الكتّاب والمؤرّخين في كتبهم المعتبرة. بعد مضي سنة على مكوثها جنب القبر الشريف طلب منها بعض الرجال من بني هاشم العودة إلى المدينة المنورة؛ لأن المرض أخذ منها قسطاً كبيراً، وبعد هذه الضغوطات قرّرت العودة إلى المدينة المنورة إلا أنها لم تترك رثاء الإمام الحسين(عليه السلام)والنوح عليه على الرغم من انزعاج أزلام بني أميّة الذين حاولوا منعها وردعها من الاستمرار على رثاء الإمام(عليه السلام)وفضحها للإعمال الإجراميّة التي قام بها زبانية السلطة الأمويّة الجائرة. وقد ذكرت العديد من الكتب التاريخيّة العشرات من الأبيات الشعريّة التي رثت بها الرّباب الإمام الحسين(عليه السلام)وهذه بعضٌ منها: إن الذي كان نوراً يستضاء به بكربلاء قتيل غير مدفون قد كنت لي جبلاً صلداً ألوذ به وكنت تصحبنا بالرحم والدين فمَن يجيب نداء المستغيث ومَن يُغني ويؤوي إليه كلّ مسكين تالله لا ابتغي صهراً بصهركم حتى أوسد بين اللحد والطين هذا نزر قليل مما قالته السّيّدة الرباب (رضي الله عنها)وهي ترثي سيّد الشهداء، فيا له من إخلاص وموقف مشرف وثابت ورصين أذهلت فيه هذه السّيّدة الطاهرة أعداء أهل البيت (عليهم السلام). بقيت السيدة الرباب (رضي الله عنها) تنعى إمامها وزوجها بقلب جريح وعين دامعة حتى وافاها الأجل وهي تشكو الربّ الجليل مظالم زمرة القتل والقهر أبناء أميّة المارقين. المصادر: تراجم أعلام النساء ج2، ص97 ـ 98. نساء حول الحسين(عليه السلام)ص72 ـ 75. أدب الطف: ج1، ص61. الدر المنثور: ص203. نساء الشيعة ـ مواقف صلبة ـ ص185 ـ 188. مشاهير شعراء الشيعة: ج2، ص148. الأعلام: ج3، ص13. الكامل في التاريخ: ج4، ص80. أعلام النساء المؤمنات: ص345. المنتظم: ج6، ص9. دائرة معارف البستاني: ج8، ص92.