رياض الزهراء العدد 88 لحياة أفضل
تَنهّدات
يقول قمر ليلة الحادي عشر من المحرم على أجنحة الليل المشؤوم.. لملمَ خطاها الحزن الأليم.. بثقل المصاب قادته أقدامها.. مشت، فكبّت، ثم قامت، وهوت.. وتصدّع الليل لشكواها الحزينة: (هل صار حلماً يا تُرى؟ هل فارقتُ عبادتي قسراً؟)(1) تحدّر الدمع من خدي على وجل.. لئلّا أعكر صفو مَن لأحزانها تحمل.. لكنها قالت لي بعد أن سقطت مني عليها دمعة بلون الدم لم تزل: (أيا قمراً، كن شاهداً على ليلي البهيم.. وظلامه الذي به أُشغل.. إني أفتش عن شمس إلى أرض الطفوف هوت.. لا تغيب أنوارها ولا تأفل.. وعن قمر يشبه طلّتك، ولكن عذراً فهو الأجمل.. في كفيه خبا وهج الماء وانطفأ).. وبعد هنيهة عادت لتسألني: كيف لشمس أن تشرق على أرض بلا حسين؟! ألا تخجل؟! ألا تأفل؟! ألا تأمل شفاعة المختار جدّي ساعة المحشر؟! .............................. (1) (إن النظر إلى الإمام عبادة) ****************************** الشمس بدتْ خجلى، بدتْ حسرى، بدت بدموعها ثكلى.. تلاحق الأفلاك في عجل، تبغي الأفول عن الدنيا.. فبعد الطف لم تطلع ولم تشرق على أرض.. يمشي عليها للمصطفى ولدٌ.. عشق الصلاة صبابة، وهوى القرآن تهجّدا.. أقام للدين أعمدة، حليف البرّ والتقوى.. تقول الشمس في وجل، وفي خجل، وطرفها في الأرض ما رفعا: تعاتبني بنت الزكيّة، يا ويلتي، وا خجلتاه، وا خجلا.. يا بنت الطيبين، اسمعي مني، فلست للأعذار مختلقة.. قلبي تصدّع للمصاب تأسّفاً وتألّماً وتفجّعا.. فلقد قلت للحسين: يا سيّدي ائذن لي بالأفول مجدّدا.. فلا أحمل هموم مصاب الطف، وأحرق قلبك بالجوى.. فأبى، وقال لي: يا شمس، بل أحرقي بشعاعك ما ترين من جسدي.. فلقد آليتُ أن أفتدي شيعتي من اللّظى..