(مَركزُ القلمِ) إنتَاجٌ وتَطويرٌ مَعرِفيّ

تحقيق: ليلى الهر
عدد المشاهدات : 222

تُعَدُّ التنمية البشرية مسألة حتمية ومطلباً رئيسياً للمجتمعات النامية؛ لأنها الوسيلة الفعالة لتخطي مرحلة التخلف التربوي والمعرفي والجهل المطبق على فئاته، وعملية تثقيفية ومعادلة للحاق بركب التقدّم في زمن قياسي، لتحقيق ذلك كان لزاماً أن تتضافر الجهود من قبل الأطراف الفاعلة في المجتمع، خاصة منظمات المجتمع المدني التي تبنت مَهمة بناء المجتمع وتحديثه، وتحقيق الحلم المنشود لتطوير المجتمع ثقافياً ومعرفياً عن طريق بناء جيل واعد من الشباب، ليكونوا عمّالاً للمعرفة، حيث يكرّسون جهودهم في إنتاج وتطوير وتطبيق المعرفة في المجالات المختلفة، وربّما يصبّ في تقدّم المجتمع ورفاهية أفراده. بما أن الشباب هم الثروة الأساسية والقوة الفكرية والعضلية المتميزة في المجتمع؛ لذا فإن تنمية هذه الشريحة والفئة العمرية هي الهدف الأسمى للاهتمام بالإبداع والمبدعين، ومن بين عشرات المؤسسات التي تتبنّى هذا الهدف في محافظة كربلاء (مركز القلم) كمنظمة مجتمع مدني، حيث التقت مجلة رياض الزهراء(عليها السلام) بمدير المركز (السيد ظافر فاضل حسين)، وكان السؤال الأول: كيف كانت الفكرة الأولى لافتتاح المركز؟ باسمه مَن علّم بالقلم: تكونت فكرة مركز القلم التربوي التعليمي قبل أربع سنوات تقريباً، أي سنة (2010م) عن طريق استقراءات أولية لظواهر موجودة في مجتمعنا العراقي، منها ظاهرة الدروس الخصوصية التي تثقل كاهل العديد من عوائل الطبقة الكادحة في المجتمع، إضافة إلى سطحية التفكير عند بعض أفراد المجتمع مما يساعد على انتشار المفاهيم الخاطئة وصعوبة الارتقاء بالمجتمع، ثم تحولت هذه الاستقراءات الأولية إلى مُسَوَّدة مشروع تمّ طرحها على مؤسسة آل البيت (عليهم السلام)؛ لإحياء التراث، وبعد مراحل تعديل متعددة تبلورت الفكرة وتحولت إلى مشروع منظمة مجتمع مدني متبنّى من قبل المؤسسة يهدف إلى المساهمة في إعداد أجيال من الشباب القائد للمجتمع، ويتحمل مسؤولية النهوض التربوي والتعليمي والتثقيفي في المجتمع، وخدمته بكلّ الطاقات والإمكانات المتاحة. لتنظيم العمل لابدّ من كادر إداري، فما هو التسلسل الإداري للمركز؟ لدينا هيكل إداري يرسم التسلسل الإداري ويتحمل المسؤوليات، ولديه الصلاحيات للقيام بذلك، فللمركز هيأتان أساسيتان: هيأة الإشراف والمتابعة، وتتشكل من هيأة أمناء مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) في العراق متمثلة بمدير فرع المؤسسة في كربلاء، وهي مسؤولة عن الموافقة على برامج ونشاطات المركز التي تقدّم في مطلع كلّ عام، وكذلك تُشرف على كيفية إقامة وتنظيم هذه البرامج والنشاطات وتقييمها، وتقدّم الملاحظات والإرشادات الكفيلة بتقويم العمل وتطويره، أمّا الهيأة الثانية فهي الهيأة الإدارية للمركز، حيث تتشكل من لجان تتولى تنظيم وتنفيذ هذه البرامج. هل للمركز رسالة ورؤية معينة؟ بالتأكيد للمركز رسالة يؤمن بها ويعمل في إطارها العام، ومن أهم مضامينها هو العمل لتحقيق مرضاة الله(سبحانه وتعالى) والإسهام في إعلاء كلمته وذلك عن طريق إعداد الشباب المتديّن المتعهد بمسؤوليات ديننا الحنيف، وللمركز رؤية خاصة حيث تضم أهدافاً قصيرة المدى، وأخرى بعيدة المدى، تنظّم على أساسها خطة عمل المركز الاستراتيجية، وللمركز هيأة إدارية تتشكل من رئيس الهيأة الإدارية، ولجان هي: لجنة الشؤون العلمية، لجنة النشاط الثقافي، لجنة الأنشطة العامة، قسم مكتبة المركز (الورقية والالكترونية)، قسم الخدمات والصيانة، قسم الشؤون المالية، قسم الإعلام. ما طموحكم المستقبلي للمركز؟ يطمح المركز إلى الإسهام في إعداد شباب متعهد بمسؤولياته يتمتع بكفاءة علمية ومهنية عالية، وذلك عن طريق الدورات التعليمية في مرحلة الإعدادية، والدورات العلمية المتنوعة في المرحلة الجامعية لمَن يتمتع بوعي ثقافي وحسّ وطني؛ للنهوض بالمجتمع نحو الأفضل، إضافة إلى ما يقدّمه المركز من دورات في التنمية البشرية بالتعاون مع المؤسسات الصديقة المختصة، وما يوفّره من كتب للطلبة عن طريق مكتبته، وما يقيمه من ندوات حوارية، وقبل هذا وذاك يجب أن يكون الشاب مدركاً لحقيقة دينه الإسلامي ومبادئه ومعتقداته الإسلامية المستمَدَّة من نهج النبيّ محمد (صلى الله عليه وآله)وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام). هل هناك دوافع شخصية وراء هذا المشروع؟ كوني طالباً في كلية الطب - جامعة كربلاء، عانيت لمدة من الزمن وكثير من زملائي من الفراغ الفكري مع ما لدينا من الشعور بالمسؤولية حيال واقع الحال المعروف بالمجتمع من انتشار الجهل، ولم نعرف كيف نوظّف طاقاتنا لخدمة المجتمع للنهوض بأنفسنا والارتقاء به؛ لذلك تبلورت فكرة المركز، حيث سعى للتواصل مع ما يمكن من الشباب، للارتقاء بهم ومعهم، والنهوض بفئة الشباب في المجتمع الكربلائي حالياً وسائر المحافظات العراقية لاحقاً إن شاء الله تعالى. هل من كلمة توجهونها إلى الشباب؟ أبدأ من قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)/ (الرعد:11) وأتوقف معهم عند البيت المنسوب لأمير المؤمنين(عليه السلام):(1) ليسَ الفتى مَن قالَ كان أبي بل الفتى مَن قالَ ها أنا ذا وقول عمرو بن جنادة حين قال:(2) أميري حسين ونعم الأمير سرور فؤادي البشير النذير عليّ وفاطمة والداه فهل ترون له من نظير وهو ابن أحد عشر ربيعاً، وضع له بصمة مضيئة في التاريخ. الهدف من ذكر تلك الأمثلة، هو الحث على استثمار مرحلة الشباب - وهي مرحلة العطاء – التي ينبغي فيها نبذ طريقة التفكير الخاطئة برمي المسؤولية على الآخرين، وعقد الهمة والثقة بالنفس والتوكل على الله تعالى والاقتداء بمن لدينا من قادة وأمثلة يُحتذى بهم، مثل: النبي (صلى الله عليه وآله)الأكرم والأئمة الأطهار (عليهم السلام) ومَن تبعهم من شخصيات وعلماء. من جانب آخر التقت مجلة رياض الزهراء (عليه السلام) بأحد الشباب من الهيأة الإدارية للمركز (السيد رضا صلاح جلوخان/ مرحلة ثالثة علوم فيزياء/ الجامعة التكنولوجية) حيث قال: إن المركز يقدّم محاضرات للطلبة عن طريق أساتذة يستقطبهم لإلقاء المحاضرات، وطباعة وتوزيع ملازم على الطلبة المشاركين بالمركز، وتُقدَّم دروسٌ لمرحلة (الرابع والخامس والسادس العلمي الإعدادي) وللمواد كلّها وفق جدول منظم للدروس والأساتذة على طول الأسبوع. هل توجد شروط معينة للانتماء إلى المركز؟ من أهم الشروط الواجب توفرها في الطلبة المنتمين إلى المركز، أن يكونوا على درجة عالية من الأخلاق والالتزام الديني والعقائدي، إضافة إلى الالتزام بحضور المحاضرات. بوصفكم هيأة إدارية في المركز، ما هي المحاضرات التي تتلقونها؟ وما مدى الاستفادة منها؟ نحن نخضع لجدول من المحاضرات المكثفة في مجال التنمية البشرية، وإلقاء المحاضرات العلمية، وقد أفدتُ من ذلك كثيراً حيث ألقيتُ محاضرات في مجال النظرية النسبية للعالم (اينشتاين) حسب القواعد التي تعلمتها من المركز، وتلقيت الملاحظات من الأساتذة والإخوة الزملاء الذين حضروا المحاضرات. التقينا أيضا بالأخ (أحمد عبد المعين الهر/ طالب مرحلة رابعة/ قسم تكنولوجيا النفط/ الجامعة التكنولوجية) وقال: أفدتُ كثيراً من محاضرات المركز التي وسّعت معلوماتنا في مجال التنمية البشرية. وقال الطالب (حسن محمد حسون/ كلية الطب جامعة كربلاء/ مرحلة رابعة): كانت فائدتي كبيرة بحضوري محاضرات التنمية البشرية في المركز، وقدمتُ محاضرات حول الإنعاش القلبي السريع في المركز. وفي المستقبل القريب إن شاء الله تعالى يقدّم المركز محاضرات للطالبات، وذلك بعد أن يُهيّئ كادراً نسوياً ومكاناً مناسباً لذلك، إلى جانب فتح فروع للمركز في المحافظات الأُخر. ............................ (1) ديوان أمير المؤمنين(عليه السلام): ص20. (2) ذخيرة الدارين فيما يتعلق بمصائب الحسين وأصحابه(عليهم السلام)، لعبد المجيد الحسيني الحائري الشيرازي تحقيق الشيخ باقر درياب النجفي: ص331.