رَبِّي إِلَيكَ اعتِذَارِي

وسن نوري الربيعي
عدد المشاهدات : 213

نفزع من تغيّر الأحوال، ونهلع عند مفارقة الأهل والأحباب، وهذه حقيقة لا نقدر على دفعها أو الهروب منها، فهذه الدار دار تحوّل وتبدّل من حال إلى حال.. ويبقى الملجأ الوحيد والكهف الحصين ومَن لا يتبدّل ولا يتغيّر ولا يظلم ولا يهضم، حبيب مَن تحبّب إليه، وملجأ مَن فزع إليه، وأنيس مَن لا أنيس له، كنز الفقراء.. (هُوَ اللهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ )/ (الحشر:22).. ولكن الكثير منّا غافل غارق في التمسك بأمور زائلة، متغيّرة، متبدّلة لا تدوم على حال، رافعاً حاجته إلى المحتاجين، وطالباً المعونة من المفتقدين، ومسترزقاً المرزوقين.. إليك اعتذاري ربّي سيّدي وإلهي على ما فرطتُ، وما ذلك إلّا لجهلي وقلّة حيلتي، فخذ يا سيّدي وإلهي بيدي وأدخلني في حصنك المنيع، وأسعدني بالتقوى، وأكرمني بالهدى.. وعفواً عمّا يبدر منّي من إسراف وتقصير يا خير مَن التجأ إليه الخائفون، المستغيثون، المحتاجون.. (يَا اللهُ الَّذِي لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الاَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَآءِ، وَكَيْفَ يَخْفى عَلَيْكَ يَا إلهِي مَا أَنْتَ خَلَقْتَهُ، وَكَيْفَ لاَ تُحْصِي مَا أَنْتَ صَنَعْتَهُ، أَوْ كَيْفَ يَغِيبُ عَنْكَ مَا أَنْتَ تُدَبِّرُهُ(1)، أَوْ كَيْفَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَهْرُبَ مِنْكَ مَنْ لاَ حَياةَ لَهُ إلاَّ بِرِزْقِكَ، أَوْ كَيْفَ يَنْجُو مِنْكَ مَنْ لاَ مَذْهَبَ(2) لَهُ فِي غَيْرِ مُلْكِكَ، سُبْحَانَكَ أَخْشى خَلْقِكَ لَكَ أَعْلَمُهُمْ بِكَ، وَأَخْضَعُهُمْ لَكَ أَعْمَلُهُمْ بِطَاعَتِكَ، وَأَهْوَنُهُمْ عَلَيْكَ(3) مَنْ أَنْتَ تَرْزُقُهُ وَهُوَ يَعْبُدُ غَيْرَكَ).(4) .................................. (1) تدبِّره: تعتني به وتنظمُهُ. (2) لا مذهب له: لا طريق ولا سبيل له. (3) أهونهم عليك: أكثرهم هواناً وذلة لديك، وهو الكافر والمشرك. (4) الصحيفة السجادية: ص290.