رياض الزهراء العدد 88 منكم وإليكم
الإِمَامُ الحُسَيْنُ (عليه السلام) خُلُودٌ مَع خُلُودِ الدَّهْر
إنّ العالم يفنى، وأهل العالم يفنون، وكلّ ما في الكون مصيره الفناء، وليس لهذه النشأة ولا لِما في هذا العالم دوام وبقاء وخلود، مهما كان جنسه ونوعه، سواءً كان حرثاً أم متاعاً أم داراً أم بساتين، وسواءً كان غنياً أم فقيراً أم ملكاً أم فلاحاً، فمصير الجميع إلى الزوال والفناء، فكلّ فرد من أفراد المجتمع بمجرد أن يفارق الحياة يُمحى بمرور الزمن، فإن كان من الصلحاء فسيبقى ذكره مخلداً، وإن لم يكن أو كان من الأشقياء فبموته يُمحى ذكره تماماً، حتى ملك الموت الذي يقبض الأرواح هو أيضاً يذوق طعم الموت، ولا يبقى أحد إلا الله الواحد القهّار الذي هو واجب الوجود، لكنّ الذي قد فاق العالم في الصبر والإباء، وتحمّل الضيم والجوع والعطش، وأبهر كلّ القادة والزعماء، وهدّ أركان العالم ألا وهو الإمام الحسين بن علي (عليه السلام)ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله)وفلذة كبده الذي هو للمسلمين مشعل الهداية، ولغيرهم من الأمم مصباح المعرفة، فهو قد بقي ذكره خالداً إلى يومنا هذا، وفي كلّ سنة نقيم له العزاء، ونحيي ذكره، ونذكر شجاعته وبطولته وتضحياته وأخلاقه، كيف لا يكون الحسين(عليه السلام)كذلك وقد أخذ العالم آنذاك طريق الانهيار والتدهور، وعمّ الفساد والخراب، واستولى الباطل على الحق، لكنّ الإمام الحسين (عليه السلام)الذي هو روح الإيمان والحق، ومثال العدل والتقوى قابل تلك الدولة الظالمة الجائرة التي هي مُجسمة الباطل، وحارب تلك السلطة الكافرة، ليس بنفسه فقط، بل بأهله وإخوته ونسائه وأطفاله، وقدّمهم جميعاً فداءً للدين الإسلامي، أراد الإمام الحسين (عليه السلام)أن يعلن للعالم أنه إنما جاء إلى العراق للحماية وللذبّ عن شيء ثمين ونفيس، حيث يهون عليه تضحية أهله وإخوته في سبيل الحفاظ على الدين من الاندراس، ولكن لا يهون عليه أن يقف (عليه السلام) مكتوف اليد، وينظر دين جدّه المصطفى (صلى الله عليه وآله) معرّضاً للخطر، ويرى مشعل الإيمان معرّضاً للأعاصير؛ لأن هذا المشعل هو المشعل الذي أوقده رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والذي قام بسيف أمير المؤمنين (عليه السلام)(ذو الفقار)، ودام بعصمة سيّدة النساء فاطمة(عليها السلام)، هذا المشعل هو الذي صارت شهادة الإمام الحسين (عليه السلام)سبباّ لبقائه، ومانعة من انطفائه. ............................................ ينظر: حي خالد، عرض موجز لنهضة الإمام السبط الشهيد الحسين (عليه السلام): البانديت وياس ديومسرا، أستاذ في التدوين القانوني في الهند ترجمة: السيد محمد صادق القزويني (ت1382هـ): 8-14.