رياض الزهراء العدد 78 مناهل ثقافية
أَخفَى ولادَتَهُ.. ليكونَ مُنقِذاً للبَشَريّة
في سطور: هو الإمام الحسن العسكري ابن الإمام علي الهادي (عليهما السلام)، ووالدته السيدة الزكية (سليل) التي قال فيها الإمام الهادي: "مسلولة من الآفات والأرجاس والأنجاس"(1)، ومن ألقابه: العسكريّ، الهاديّ، الزكيّ، التقيّ. نشأته: عاش الإمام (عليه السلام) ملازماً لأبيه، يتغذّى من علومه ومعارفه وعباداته، ولم تسكن سريرته سوى خشية الله تعالى، فكان امتداداً حيّاً لمسيرة أهل البيت (عليهم السلام)، وكان ملازماً لأخويه محمد وحسين، وكانا متخلّقين بالصفات الرفيعة لأبويهما ولأهل البيت (عليهم السلام)، وقد تأثر (عليه السلام) كثيراً وفجع حين وفاة شقيقه محمد، وهو في نضارة شبابه؛ لمرض مفاجئ، وقد يكون سببه سمّاً قد دُس له من قبل العباسيين، وقد كان الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) مع أخيه الحسين يسميان بـ (السبطين) تشبيهاً بجديّهما سيديِّ شباب أهل الجنة (عليهما السلام). من حكمه ومواعظه: قال (عليه السلام): "ليست العبادة كثرة الصيام والصلاة، وإنّما العبادة كثرة التفكر في أمر الله".(2) "خصلتان ليس فوقهما شيء: الإيمان بالله، ونفع الإخوان".(3) "مَن أنس بالله استوحش من الناس".(4) ملامح عصره: عاش الإمام العسكري في مدة الحكم العباسي، وتحمّل منهم الكثير من الانتهاكات بحقه، واشتدّ عداؤهم له وللعلويين، فكانت معاملتهم معه تتسم بالحقد المتوارث، فتكررت اعتقالاتهم له، وتضييق عليه حياته، ومع ذلك كان له دورٌ بارزٌ في نشر الدين القيّم، ومساندة الفقراء، ومحاربة دخلاء الدين من المنافقين، وإبطال ما نشروه من ادعاءات كاذبة، وشبهات حول الدين الإسلامي، وكان (عليه السلام) من أبرز المعارضين للدولة، ومنع أيّ طريق للاتصال بهم، فكان ملازماً لدعاء الباري (عزّ وجل)، ويعلّم الناس الأدعية للاحتجاب عن ظلم العباسيين، وكان هَمّ الدولة العباسية الضعيفة التي كانت تحت السلطة التركية في ذلك الوقت هو جباية الضرائب من الناس، وصرفها في ملذّاتهم الخاصة من كلّ فعل يخالف الدين الإسلامي من شرب الخمر، وسماع الأغاني، وبذخ الأموال على الجواري والشعراء المناصرين لهم، مما أدى إلى جزع عامة الناس، والقيام بالعديد من الثورات ضدّهم والتي باءت بالفشل. إلى الرفيق الأعلى: أحسّ الأمام الزكي بدنو أجله، فأوصى إلى ابنه المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) الذي أخفى خبر ولادتِه؛ خوفاً من غدر أعداء الأمة له؛ لعلمه بأنه منقذ البشرية، فدُسّ له السم بأمر من الخليفة المعتمد، فظلّ (عليه السلام) يعاني من أثره في جسده حتى توفي في شهر ربيع الأول عام (260) للهجرة، وهو ابن الثماني والعشرين سنة. ................................ 1. الإمام العسكري من المهد إلى اللحد، ص8. 2. موسوعة سيرة أهل البيت، ص126. 3. المصدر نفسه، ص129. 4. المصدر نفسه، ص130.