عِندَما يُسِيءُ بَعْضُهُم لأَبْنَائِهِم!_مواقف وقصص حقيقية نعرضها كي لا نقع في مثلها

صادق مهدي حسن/ ناحية الكفل
عدد المشاهدات : 212

كان طفل جاري الشغوف بمتابعة أفلام الكارتون ينتظر حتى نفد صبره عرض مسلسله الكارتوني المفضّل.. ولكن ظهرت المذيعة على الشاشة معتذرةً عن عدم عرضه؛ لوجود خلل فني، وفي اللحظة ذاتها صادف أن حكَّ الطفل عينه فنزلت دموعه.. تعالت ضحكات العائلة على الطفل المسكين لظنهم أنه يبكي من أجل فيلم الكارتون.. بل لم يصدّقوه عندما أقسم لهم جاهداً أن عينه دمعت مصادفة.. وأصبح الموقف نكتة ممجوجة يتندّرون بها كلّ حين، وفي كلّ مكان حتى أمام ضيوفهم.. كبر الطفل وأصبح يافعاً، ولكن كبرت معه عقدة ذلك الموقف، فنشأ محباً للعزلة ولا يختلط مع الضيوف، وقليل الأصدقاء!! بعد أن فقد الجدّ بعض أغراضه، سأل حفيده عنها، فأجاب قائلاً: “عفواً جدّي لا علم لي بها.. لم أرها في أيّ مكان”، ولكن العم انبرى لابن أخيه متهماً إياه بإضاعتها بين أغراض البيت الكثيرة، ووسط جدال عنيف بين الحفيد المغلوب على أمره وعائلته المتسلّطة، وجدت الجدّة الأغراض في زاوية من زوايا الخزانة القديمة، فرح الجميع إلا ذلك البريء الذي لم يتلقَّ كلمة اعتذار من أحدهم، ولكنه حمل في طيات قلبه حقداً، وأصبح يفرح ويُسَرُّ في قرارة نفسه كلّما وقع عمُّه أو الآخرون ممّن اتهموه في مأزق أو ارتكب خطأً!! بينما كان يلعب الإخوة والأخوات في إحدى غرف البيت، كان أكبرهم في غرفة أخرى مشغولاً بتصفّح إحدى مجلات الأطفال، تشاجر إخوته وكثر صراخهم، فوصلت الأم من المطبخ تحمل العصا، ومن دون أن تسأل عمّا يجري، دخلت إليه متهمةً إياه بخلق المشاكل، وأوسعته ضرباً ثم رمته خارج الدار حافي القدمين من دون أن تسمح له أن ينبسَ ببنت شفة، بعد ساعات اكتشفت الأم أنّ أطفالها كانوا يمزحون، فاكتفت بإرسال أحدهم ليفتح الباب لأخيه، فدخل وقال مستعبراً: آسف يا أمي.. فلستُ مَن أزعجك بإثارة الضجيج، فقابلته الأم بابتسامة ساخرة!! كان صديقي ذا ذكاءٍ وقّاد، فهو الأول على صفّه دائماً، وكان محبوباً من كادر معلمي المدرسة جميعاً؛ لسموّ أخلاقة ومستوى علمه، أكمل الابتدائية والتحق بالمتوسطة التي كان خاله معاوناً لمديرها، وهنا بدأت الطامّة الكبرى، فعلى الرغم من استمراره على المستوى ذاته علماً وأدباً، حيث لم تكن درجاته أدنى من 95% إلا أنّ خاله كان دائماً يردّد قوله: “هنالك مَن هو أفضل منه في شعب المدرسة الأخرى”، وبناءً على هذا لم يكن صديقي مَرضيّاً عند أهله، ويسمع منهم أقسى أنواع التأنيب، ويتحمل نظرات الغضب والامتهان بل – وعلى الرغم من إعفائه من أداء الامتحان النهائي في كلّ الصفوف غير المنتهية - وصفوه مراراً وتكراراً بالمهمل الفاشل الكسول!! على الأهل أن يغيّروا نظرتهم لأطفالهم وان لا يستهينوا بقدراتهم فالطفل هو إنسان كامل لديه المشاعر والأحاسيس نفسها التي يمتلكها الكبار ولديه قدرات عقليّة قد تفوقهم ولكن الذي يميزه عن الكبار هو نقص الخبرة.