رياض الزهراء العدد 78 مناهل ثقافية
كَريمُ ميلاده
كانت الدنيا تشقّ غبارَ جهلٍ، يعتريها أنواع ظلم.. بأناس أُلقوا فيها كفاراً، وأبدوا لذاك جُرماً.. والعرب في شرّ دين وداراً، منيخين بين حجارة خشنة وحياة صم.. أكلهم الجشب وشرابهم الكدر سافكون الدماء قاطعي الرحم.. الأصنام منصوبة فيهم دهراً، معصوبة بهم الآثام.. عبيد تُباع، وإماء تُشترى وتُؤد، وليس فيهم مَن يُلام.. ما بين أفول كوكب ونجم قد هوى، أشرقت بيوتات مكة.. بارقةُ نورٍ تشقّ حُجب الظلمة لتصل إلى عنان السماء.. وتمزّق صمت الليل الهادر لتنبئ عن أمر عظيم.. وُلد النور في غسق الدُّجى، فأزاح دياجير الظلم.. في سبع ليالٍ خلون وعشرٍ ولد المبعوث من هاشم.. وجاءت آمنة تحمله كأنه كوكب دريّ.. وُلدت بمولده المعجزات، وبانت كالشمس للعيان.. وأطفأ نوره نار فارس، وقد أُوقدت ألف عام.. وبمقدمه الميمون تهدّم لكسرى إيوان.. وجفّت بحيرة ساوة، وقد آلت إلى وحل وطين.. يا منقذَ العباد من غيّ الجهالة والردى من إنس وجان.. يا أيها الصادق الأمينِ يا مَن بُعثتَ رحمةً للعالمين.. يا صاحب الخُلُق العظيم في نشأته، أبشرٌ أنت أم مَلَكٌ كريم..