سمي أمير المؤمنين (عليه السلام)
علي! ويخفق قلبها فرحًا ببشارة الجد، صادق القول والوعد، ثم تتأمل في معانيها كلمة، كلمة: غوث الأمة، غياثها، علمها، نورها، هداها. وفي كل مرة تزداد فيها شوقًا لرؤيته، ورغبةً شديدة باحتضانه، فلا يكفي حمله بين الأحشاء جنينًا، وسماع تسبيحه وتهليله بين الحين والحين. يا ثامن الأئمة، يا سيدي وابن ساداتي أيها الرضا، يا من سماه ربي بهذا اللقب، واشتق حروفه من رضاه، وأرضى به أهل السماء والأرض، مثلما اختارني من بين خيار النساء، لأكون زوجة الإمام، وأم الإمام، وكان ذلك في المنام، حين رأى أبوك جده وأباه (عليهما السلام) ومعهما قطعة حرير، فنشراها، فإذا هي قميص فيه صورتي، فقالا (عليهما السلام): "يا موسى، ليكونن لك من هذه الجارية خير أهل الأرض بعدك..."(1) وها أنا ذا بانتظارك يا حبيب قلب أمك؛ لتقر عيني بنور وجهك، وتأنس روحي بسماع صوتك الملائكي، وقبل هذا الشوق ما كنت أنتظر شيئًا سوى العتق كأي أمةٍ من الإماء، مسلوبة الإرادة، حتى وطأت قدماي بيت سيد السادات، وأصبحت من سكانه، حينئذ فضلت الرق على العتق؛ لأن في ذلك تمام عزة الروح، وتحررها من قيود الغير، وارتقاءها إلى عليين، حيث مجاورة الأنبياء والصالحين. رباه إنه لتكريم عظيم، و يا له من شرف ما بعده شرف، بأن نكون سببًا في امتداد نسل الإمامة، حتى قدوم آخر حفيد معصوم، نور من نور، وحجة بعد حجة، بأبي وأمي ساداتي وأوليائي، فما أحلى أسماءهم، وما أعظم شأنهم وأجل قدرهم، أشعر عند ذكرهم بطمأنينة وسكينة، حين تداهمني مخاوف المخاض، وترهقني همومه، فتنطلق الحروف من أعماقي توسلات ودعوات بصوت مبحوح، حتى أقبل شهر (ذي القعدة)، وانقضى منه أحد عشر يومًا، فتضرعت إلى الباري بحقهم وبحق المولود في بطني بتيسير ولادتي، وما أسرع إجابة دعوتي، همس في أذني طائر السعد مرفرفًا، لقد تحققت البشارة، وتأكدت الحرية، محفوفة ببهجة أهل بيت العصمة (عليهم السلام). هنيئًا لك يا (نجمة)، بل يا (طاهرة) مثلما سماك مولاك الإمام الكاظم (عليه السلام)، ارتسمت البسمة على محيا الوجود وهو يردد: السلام عليك يا شمس الشموس وأنيس النفوس. ............................ (1) مستدرك سفينة البحار: ج7، ص392.