رياض الزهراء العدد 206 طفلك مرآتك
الكلمة الطيبة
حل المساء في مدينة (الحروف)، والسيدة (جملة) لم تنم بعد، فصغيراتها (الكلمات) ستخضع يوم غدٍ لاختبار الكلمة الطيبة، وبالتأكيد لم تدخر السيدة (جملة) أي مجهود لتجهيز بناتها، فقد بذلت كل ما تستطيع لتعليمها تعليمًا صحيحًا، لكن يبقى قلب الأم قلقًا على مستقبل بناتها. وحين حل الصباح، استيقظت (الكلمات) نشيطةً متأهبةً، كانت الكبرى منها تراجع دروسها بهدوء وتركيز، محاولةً استذكار المعلومات، بينما انصرفت الصغرى لتحضير أدواتها وثيابها، أما الوسطى فلم تفوت الفرصة لاستعراض قوتها على أختيها متفاخرةً بقوة معلوماتها، وظلت على هذا الحال حتى وصلت إلى المدرسة. كانت الأخت الكبرى غارقة في كتبها وهي تستعد للاختبار، وتردد أبياتًا شعرية بصوت عالٍ كانت قد حفظتها، وفي تلك الأثناء مرت الأخت الوسطى وسمعت أختها تردد: ليس الجمال بأثواب تزيننا إن الجمال جمال العلم والأدب و اصبر قليلًا فبعد (العصر) تيسير وكل أمر له وقت وتدبير و واحفظ لسانك واحترز من لفظه فالمرء يسلم باللسان ويعطب فقاطعتها وهي تضحك بصوت عالٍ: و(العسر) أيتها البلهاء، وليس (العصر)! ثم أكملت طريقها وهي تكمل سخريتها أمام زميلاتها في الصف، فتقدمت إليها المعلمة بعدما سمعتها، وسألتها عن سر هذا الضحك على موقف كهذا، وهل يستوجب كل هذه الجلبة؟ فسكتت الكلمة الوسطى ولم تتفوه بحرف، تجاهلت المعلمة ما جرى، وأخبرت التلميذات ببدء الاختبار، وبعد عدة أيام قصدت الأخوات الثلاث مع والدتهن المدرسة؛ لاستلام نتائج الامتحان، لكن المفاجأة كانت في درجة الكلمة الوسطى المتدنية على الرغم من براعتها وتفوقها في المادة العلمية، فانطلقت الوسطى مع أمها للاستفهام عن سبب هذه الدرجة، فأوضحت المعلمة لهما أن الكلمة الطيبة ليست كتابًا يقرأ فحسب، أو علوم تدرس نظريًا، بل هي أخلاق نتعامل بها، وأن الموقف الذي بدر من الكلمة الوسطى أنقص من درجتها، فالكلمة الطيبة مقياس أخلاق الشخص مع الآخرين. وبهذه الطريقة تعلمت الكلمة الوسطى درسًا مهمًا في حياتها، وتابعت السيدة (جملة) الموضوع لتتأكد من اتباع بناتها لأخلاق الكلمة الطيبة، وغيرها من الدروس المهمة في الحياة.