العِلاجُ بالصَّدماتِ الكَهْربائيّةِ
هو أحد أنواع العلاج غير الدوائي المستعمل في علاج بعض الأمراض النفسية وبخاصة الكآبة، وتعتمد فكرة العلاج على تحفيز صناعي لحالة الصرع بواسطة تمرير تيار كهربائي خارجي (بفولتيّة واطئة) إلى خلايا الدماغ ولا يُعرف حتى هذا اليوم الأسلوب الدقيق الذي يسلكه هذا التحفيز في تحسين أعراض الكآبة علماً أنّ هناك الكثير من النظريّات حول هذا الأمر إلّا أن أيّاً منها لم تستطع بشكل قاطع أن تفسّر كيفيّة تأثير التيّار الكهربائي الخارجي في تحسين أعراض الكآبة، وتم التوصل إلى اكتشاف فعاليّة هذه الطريقة بالصدفة بعد أن لوحظ تحسّن في المزاج بعد نوبة الصرع في الأشخاص الذين كانوا يعانون من مرض الصرع فضلاً عن الكآبة. وبدأ التفكير في تحفيز حالة الصرع بصورة اصطناعيّة لعلاج الكآبة في الثلاثينيات. كان العلاج بالصّدمات الكهربائيّة يستخدم في السابق لعلاج مرض فصام الشخصيّة فضلاً عن الكآبة، ولكن التجارب أثبتت أنها ليس لها أيّ دور علاجي في مرض فصام الشخصيّة، وفي الوقت الحالي تستعمل الصدمة الكهربائيّة في علاج الحالات التالية: • الكآبة الشديدة التي لم تتحسن بالعلاج الدوائي والعلاج النفسي. • الكآبة الشديدة المصحوبة بأفكار جدية بالانتحار، حيث لا يمكن الانتظار مدة طويلة لتبدء مفعول الأدوية التي تستغرق عادة (4 - 6) أسابيع. • حالات الكآبة الشديدة التي لا يمكن معها استعمال الأدوية المضادة للكآبة بسبب أضرارها الجانبيّة، منها على سبيل المثال الأم الحامل في الشهور الأولى حيث يعدّ العلاج بالصّدمات الكهربائيّة أفضل من الأدوية التي تكون عادة ذات تأثير سيئ في الجنين. • تحسين أعراض الابتهاج غير الطبيعي في مرض تعكر المزاج الثنائي القطب للسيطرة السريعة على تصرفات قد تعرّض حياة المريض أو المحيطين به إلى خطر نتيجة التصرفات الطائشة للمريض. • حالات ما يُسمى بالتشمّع أو التخشّب حيث يفقد المريض لأسباب نفسيّة القدرة على الحركة فيبقى في مكانه لساعات طويلة بدون أي حركة أو استجابة لأي تحفيز خارجي، ويحدث هذا في بعض أنواع الفصام والكآبة الشديدة. يتم تحفيز الصرع الاصطناعي عادة بإمرار ما مقداره (0,9) أمبير من التيار الكهربائي عن طريق أسلاك مربوطة بجبهة المريض، ويعتمد اختيار الجهة (اليمنى أو اليسرى) حسب الجهة المهيمنة على حركة الأطراف، وتُستعمل عادة الجهة اليمنى من الصدغ في الأشخاص الذين يستعملون اليد اليمنى؛ لأن نصف الدماغ الأيمن يسيطر عادة على حركات الجزء الأيسر من الجسم. بعد تمرير هذه الكميّة من التيار الكهربائي خلال أنسجة الدماغ يمرّ الشخص بحالة تقلّص شديد لجميع العضلات في الجسم مدة عدة ثوانٍ لتبدأ بعدها نوبة الصرع التي هي عبارة عن اهتزازات شديدة لجميع أطراف الجسم هذا إن لم تستعمل مواد التخدير العام التي تحول دون حصول هذه المرحلة علماً أن استعمال مواد التخدير العام حاصل الآن في معظم دول العالم، وهو يجعل عمليّة تقلّص العضلات أقل حدّة. من أهم الأعراض الجانبية لهذا النوع من العلاج: فقدان الذاكرة مدّة قصيرة لأحداث جرت قبل الصدمة الكهربائيّة وبعدها بدقائق أو ساعات، وشعور بألم في العضلات نتيجة التقلصات الشديدة. والمانع الوحيد علميّاً من استعمال هذا النوع من العلاج هو وجود ارتفاع في الضغط الداخلي للدماغ نتيجة الأورام على سبيل المثال. للعلاج تأثير إيجابي وسريع في ما يقارب من 70% من المصابين بالكآبة، وهناك جدل كثير حول الأضرار الجانبية لهذا النوع من العلاج الذي يعدّه البعض علاجاً وحشيّاً، ولكن العلاج يُستخدم حتى الآن في أكثر الدول تقدّماً من الناحيّة الطبيّة.