جواد الأئمة (عليهم السلام) يبني ذواتنا

ولاء عطشان الموسوي/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 208

كثيرًا ما يحدث سوء فهم لبعض المفاهيم وغالبًا ما يؤدي إلى مشاكل عدة بين أفراد المجتمع، ولو تمعن الناس في آيات الكتاب الحكيم التي يقرؤونها لفهموا مغزى حديث الثقلين الذي أوصى فيه النبي (صلى الله عليه وآله) بالتمسك بالقرآن والعترة، وربط التمسك بهما بعدم الضلال بقوله: "ما إنْ تمسكتم بهما لن تضلوا"(1)، والذي يشير إلى ارتباط القرآن بالعترة وعدم انفكاكهما عن بعضهما، وفي حديث للإمام الجواد (عليه السلام) الذي يشير فيه إلى الآية القرآنية: ﴿ قلْ كل يعْمل علىٰ شاكلته﴾ (الإسراء:84) يقول (عليه السلام): "الناس أشكالٌ، وكل يعمل على شاكلته"(2)، فما المقصود بالشاكلة؟ ورد في المعاجم أن معناها (السجية) و(الطبع)(3)، وفي تفسير الأمثل: (شاكلة في الأصل مشتقة من (شكل)، وهي تعني وضع الزمام والرباط للحيوان، وبما أن طبائع كل إنسان تقيده بصفات معينة لذا يقال لذلك (شاكلة)(4)، فمفهوم الشاكلة لا يختص بالطبيعة الإنسانية، لذلك ذكر العلامة الطبرسي في مجمع البيان لهذه الكلمة معنيين، هما: الطبيعة والخلقة، ثم الطريقة والمذهب والسنة، على اعتبار أن كل واحدة من هذه الأمور تحدد الإنسان من حيث العمل(5). وإذا عدنا إلى الراسخين في العلم، محمد وآله الطاهرين (صلوات الله عليهم) لوجدنا جوهر الحياة الذي يقلل من نزاعاتنا، ويزيد في معارفنا، فحديث الإمام الجواد (عليه السلام) يشير إلى أن هناك اختلافًا بين الناس، وكل منهم له نمط معين وسجية وطريقة يسير عليها؛ لذا على كل فرد أن يفهم ذلك فلا يتألم إذا اختلف معه غيره ولا يتأزم الوضع وتزيد العداوات. وهناك بعض العوامل التي تدخل في صياغة هذه الشاكلة وتكوينها، منها: الحادثة، الهيئة، الظاهرة. فمن الحوادث التي تؤثر في الشخص المسح على رأس اليتيم، وزيارة الأضرحة وتقبيلها، وملامسة الآخرين، وغيرها. أما الهيئات المؤثرة فهي لبس الثياب والتشبه بالآخرين كحلق اللحية، أو بعض قصات الشعر المختلفة، مما تؤثر في نفس الإنسان؛ لذلك ورد النهي عن التشبه بالكافرين. وأما الظواهر التي من الممكن أن تسهم في صناعة الشاكلة هو المشاركة في المواكب، وأداء صلاة الجماعة، أو الاجتماع للدعاء. حديث المعصوم (عليه السلام) يرشدنا ويبين لنا الكثير من الحقائق؛ ليكون لنا دليلًا للاهتداء في ظلمات الحياة. ....................... (1) بحار الأنوار: ج2، ص226. (2) الفصول المهمة: ص270. (3) المعجم الوسيط: ج1، ص491. (4) الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل: ج9، ص10.