كيف نعيش ذكرى الغدير في القرْن الواحد والعشرين؟
يمتاز يوم الغدير بكونه حدثا دينيا استطاع أن يغير مجرى توقعات الأمة ويهديها نحو الصواب والصلاح، فمن بايع الوصي (عليه السلام) وآمن نجا، ومن تخلف عن ركبه هلك في الظلمات. وقد ثبتت أهمية هذا الحدث والميثاق الذي أخذه الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) من الناس في ذلك اليوم العظيم عند العالم أجمع، وليس هناك أي خلاف في صحة وقوع هذا الأمر، ونحن نحتفل بهذا اليوم العظيم، ونقيم الاحتفالات البهيجة والفرح والسرور، ونوزع الحلوى ونجدد العهد مع المولى، لكن هل معرفة هذا الحدث العظيم والاحتفال به هو أمر كاف، أم يجب أن نعيش الغدير عمليا في حياتنا؟ بالتأكيد أن كل حدث إسلامي له امتداد في القيم والمفاهيم، يستمر إلى أبد الآبدين، ولا يتحدد بزمان ومكان، وآثاره تكون واضحة وجلية للناس في كل العصور؛ لهذا السبب يجب أن ننظر إلى كل حدث وواقعة من زاوية عصرنا الحالي، وعيد الغدير تحديدا يمتلك خاصية مهمة، ويمثل شعلة وعي تتقد في داخلنا كل عام لتذكرنا بتجديد البيعة مع أمير المؤمنين (عليه السلام) والثبات على ولايته ومبايعة إمام زماننا، وتحذرنا من أن نتخلف عن ركب الأنصار ونترك إمام زماننا وحيدا مثلما حصل مع أمير المؤمنين (عليه السلام)، فيوم الغدير هو بمنزلة شرارة الحق التي تتوهج فينا كل عام، وتحتاج إلى العمل والتمهيد لكي تبقى مستمرة ومشتعلة طوال أيام السنة، ونحن مسؤولون عن موقفنا مع الذين غصبوا الخلافة من أمير المؤمنين (عليه السلام)، مثلما نحن مسؤولون عن موقفنا تجاه إمام زماننا المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فيوم الغدير هو تذكير وتحذير، تذكير بأن إمامنا موجود، ويجب أن نكون مخلصين في خدمته، وننتظره بالعمل الصالح، ونمهد لدولته الكريمة بكل ما نملك من الإيمان والقوة، وتحذير من خذلان الوصي بعد ما بايعه الناس جميعا، ففي أول اختبار لهم فشلوا وتركوا إمامهم وحيدا! فتجديد البيعة وحده لا يكفي، المهم الثبات على الولاية الذي سيجعلنا متمسكين بالنهج العلوي المهدوي، ويجعل منا أنصارا مخلصين لا تؤثر فيهم مغريات الدنيا، ولا تجرفهم التيارات المختلفة إلى مهالكها.